بدا المشهد الداخلي قبل أيام من عيد الميلاد وعطلته موزعا بين تطورات قضية العسكريين المخطوفين والاستعدادات الجارية لاطلاق الحوار الثنائي بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" فيما تحرك على المستوى الحكومي امس ملف التنقيب عن الغاز والنفط ليضاف الى ملفات عالقة أخرى تنتظر التفاهمات السياسية لبتها في مجلس الوزراء.
وعقب عودة وفد من قادة "تيار المستقبل" برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة من الرياض حيث عقد اجتماعات مع الرئيس سعد الحريري، نقلت "وكالة الانباء المركزية" عن مصادر قريبة من طرفي الحوار الثنائي ترجيحها ان تعقد الجولة الاولى من الحوار الاثنين 29 كانون الاول الجاري في عين التينة وأن يشارك فيها مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري والمعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل وممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري الوزير علي حسن خليل.
وعلمت "النهار" ان الاولوية في الحوار المرتقب بين "المستقبل" و"حزب الله" ستكون لنزع فتيل التوتر المذهبي. أما في ما يتعلق بباقي المواضيع المرشحة للبحث فستكون مقاربتها على قاعدة ما هو ثنائي وما هو متعدد الطرف. والمثال هو ملف إنتخابات الرئاسة الاولى الذي ستبدأ مقاربته من منطلق المبادئ ولكن من دون الخوض في التفاصيل لإنها ذات صلة بكل المكونات الوطنية ولا سيما منها المسيحية. وفي ما يتصل بقانون الانتخاب، فان الامر متروك الى ما بعد إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وهذا ما انتهى اليه البحث في إجتماع لجنة التواصل النيابية قبل أيام.
وعن أجواء زيارة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع للسعودية التي عاد منها أول من أمس، علمت "النهار" أنه كان متوافقاً تماماً مع المسؤولين الكبار الذين التقاهم في المملكة على أهمية انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وأن المحادثات لم تتطرق إلى الأسماء مباشرة، والخيار في هذا الشأن يعود إليه بالتنسيق مع حلفائه في قوى 14 آذار وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري.
وفي المعلومات أيضاً أن اللقاءات "المميزة جداً وعلى كل المستويات" على حد وصف المصادر، كان بعضها معلناً وبعضها غير معلن وتخللتها مناقشات مستفيضة للمواضيع الإقليمية، وبرز في هذا المجال توافق كامل بين المسؤولين السعوديين والدكتور جعجع على أن لا حل للأزمة في سوريا بوجود الرئيس بشار الأسد. أما في شأن الحركة الديبلوماسية الدولية بين السعودية وإيران والمتعلقة بلبنان، فتبلغ رئيس "القوات" من مضيفيه أن المملكة ستكون داعمة للموقف اللبناني، أي مواقف قوى 14 آذار. في حين كان الرأي كما رشح من معلومات، أن التحرك الروسي لا يلتقي وما تقوم به الديبلوماسية الفرنسية بل هما تحركان منفصلان، مع فارق أن الروس لا يزالون في مرحلة رسم العناوين ولم يضعوا صورة شاملة لما ينوون القيام به.
كذلك تطرقت الإجتماعات التي عقدها جعجع مع المسؤولين في الرياض إلى المصالح المشتركة اللبنانية – السعودية (إلى درجة أنه تمنى عليهم استيراد التفاح اللبناني لأن الموسم كاسد بفعل ظروف التصدير الصعبة).
وعن اللقاءات "الممتازة" بين جعجع والرئيس سعد الحريري، أفادت المعلومات أنهما اتفقا على مقاربة لموضوع رئاسة الجمهورية انطلاقاً من مبادرتي رئيس "القوات" في حزيران الماضي وقوى 14 آذار التي تلتها. كما اتفقا على موضوع حوار "تيار المستقبل" مع "حزب الله" وناقشا وضع قوى 14 آذار من زاوية ضرورة حمايتها وصونها في الذكرى العاشرة لانطلاقتها "باعتبارها الرافعة الأساسية لقيام الدولة في لبنان".

انجاز ديبلوماسي... والنفط
الى ذلك، أبرزت اوساط وزارية اهمية الانجاز الديبلوماسي الذي حققه لبنان امس في الامم المتحدة من خلال تبني الجمعية العمومية للمنظمة الدولية باكثرية 170 دولة من أصل 179 قرارا اعتمدت فيه مبلغ 856٫4 مليون دولار اميركي يتوجب على اسرائيل دفعه تعويضا للاضرار التي لحقت بلبنان مباشرة بعد قصفها محطة الجية الكهربائية صيف 2006 . وقد وصف مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة السفير نواف سلام هذا القرار بأنه "انجاز مهم وانتصار ليس للبنان وحده بل ايضا لمفهوم العدالة ولميثاق الامم المتحدة ومقاصده " . ولفتت الاوساط الوزارية الى ان هذا القرار يفترض ان يقرأ من زاوية اخرى من شأنها ان تحفز لبنان على المضي في استكمال خريطة الطريق التنفيذية لملف التنقيب عن الغاز والنفط باعتبار ان المناخ الدولي أثبت ملاءمته للمصالح اللبنانية ولم يبق على الجانب اللبناني الا ان ينجز ما يتوجب عليه من اجراءات داخلية منعا لمضي اسرائيل في قرصنة محتملة او جارية للمنطقة الاقتصادية الخالصة. والواقع ان ملف النفط والغاز حرك امس في اجتماع برئاسة رئيس الوزراء تمام سلام امل بعده وزير الطاقة والمياه ارتور نظريان ان يقر مجلس الوزراء المراسيم التطبيقية "وان تكون هذه المسألة هدية الحكومة للشعب اللبناني في السنة المقبلة".
وفي تطور يتصل بملف الغذاء، أنهت اللجنة النيابية الفرعية امس دراسة اقتراح القانون المتعلق بإنشاء الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء التي تتحمل مسؤولية المراقبة والاشراف على سلامة الغذاء بعد إدخال بعض التعديلات عليه. وأبلغ رئيس اللجنة النائب عاطف مجدلاني "النهار" ان قراءة نهائية ستتم لمواد القانون قبل رفعه الى اللجان المشتركة ومن ثم الى الهيئة العامة، مضيفا انه سيعقد بعد غد الاثنين مؤتمرا صحافيا لعرض التفاصيل.

 

تهديد "داعش"
أما على صعيد تطورات قضية العسكريين المخطوفين، فبرز امس عبر التهديد الجديد الذي اطلقه تنظيم "داعش " بقتل ثلاث من الرهائن التسع التي يحتجزها هجومه للمرة الاولى على زعماء لبنانيين . وقد نقل الشيخ وسام المصري الذي زار اول من امس منطقة جرود عرسال وعاين العسكريين التسعة المحتجزين شريط فيديو ظهر فيه ثلاثة من مسلحي "داعش" يحملون السكاكين فوق رؤوس العسكريين محمد يوسف وسيف ذبيان وعلي الحاج حسن الذين ظهروا جاثين امام المسلحين. ووجه متحدث باسم "داعش" رسالة تهديد بالفرنسية الى "حلفاء فرنسا في لبنان" الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع واتهمهم "بالتعاون مع حزب الله وتحويل الجيش اللبناني مجرد دمية في يد الحزب" مهددا بأن "مستقبل مواطنيكم ومصيرهم وحياتهم او موتهم رهن قراركم".
وأوقفت مخابرات الجيش امس في الفاكهة في قضاء بعلبك سوريين من محافظة حمص لمشاركتهما في الاعتداء على الجيش في أحداث عرسال.
ورد النائب جنبلاط ليلا على "داعش" فكتب عبر موقع "تويتر": "لم ولن نتخلى عن دور الوساطة تحت مبدأ المقايضة في اي ظرف ولست أفهم اتهام ممثل الدولة الاسلامية حول فرنسا وغير فرنسا. لا علاقة لنا بما يفعله او يقوله الغير وليس هذا الكلام للتجريح بسعد الحريري او بسمير جعجع. قام وائل (أبو فاعور) وسيستمر بجهوده للتبادل على قاعدة المقايضة بعيدا من حسابات الغير. أتمنى من الدولة الاسلامية ان تقدر هذا الموقف والسلام عليكم".