تتحرك العاصمة الفرنسية، في إتجاه كل من طهران والرياض، لتأمين أرضية صالحة لإنتخاب رئيس جمهورية، في حين تتحضر الساحة اللبنانية، لبلورة السيناريوهات الحوارية، حوار «حزب الله» - «تيار المستقبل»، والحوار المسيحي - المسيحي، مواكبة التحرك الخارجي للتسريع في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وتهيئة مناخات تكفل إنضاج «الطبخة التوافقية» لبنانياً.

ومع ان الراعي الفرنسي للاستحقاق اللبناني المتمثل بمدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو قرر التريث قبل استئناف جولته الخليجية والايرانية المتوقع ان تتم قبل عيد الميلاد في انتظار تقييم حصيلة لقاءاته في بيروت مع المسؤولين الفرنسيين وغيرهم من المعنيين بالمهمة، فان الدفع اللبناني للحوار يبقى قائما بزخم وفاعلية حتى انه دخل مدار تحديد المواعيد، اذ علمت «المركزية» ان حوار المستقبل -حزب الله حدد يوم الاثنين في 29 الجاري، اي بين العيدين، كما اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري.

 

الحريري: الـ س.س لبنانية

 ومع عودة رئيس حزب القوات اللبنانية ووفد تيار المستقبل من المملكة العربية السعودية الى بيروت، يفترض ان يتبلور المزيد من المعطيات المتصلة بالحوار واللقاء. ذلك ان الرئيس سعد الحريري وضع وفد المستقبل في ظروف واطار وصيغة الحوار مع الحزب اضافة الى مواضيع البحث.

واضاف الحريري قائلا لجعجع ان معادلة الـ س.س ويقصد بها الحرفين الاولين من اسميهما : سعد  وسمير هي عصية على الكسر ولن يكون اي حوار مؤثرا فيها او على حسابها، (اشارة الى الحوار المرتقب بين تيار المستقبل وحزب الله ابتداء من 29 الجاري).  ونقل عن مصادر مطلعة ان دائرة بيكار الحوار يفترض ان تتوسع فتخرج من اطارها الثنائي بعد انجاز البند الاول القاضي بتنفيس الاحتقان السني - الشيعي اثر معالجة اسبابه كافة، الى الاطار الوطني العام عند نقطة «الرئاسة» حيث تتوجب انذاك مشاركة الطرف المسيحي فيها ان عبر القيادات او من يمثلها او من خلال تأمين غطاء من سيد بكركي، بعدما تكون نضجت في هذه الاثناء ظروف انتاج موقف مسيحي مشترك يلتقي على القواسم الرئيسية الاساسية.

اما زيارة جعجع للسعودية فقالت اوساط مراقبة ان قراءتها ممكنة من زاويتين الاولى انها تؤكد متانة التحالف بين المملكة وفريق 14 اذار المسيحي عموما والقوات اللبنانية خصوصا، في خضم الانهماك باعداد الحوار السني - الشيعي وتأكيدا على ان المسيحيين ليسوا متروكين في هذه المرحلة وان جعجع اصبح حليفا مارونيا قويا للمملكة في لبنان، والثانية انها تشكل رسالة قوية لمن يعنيهم الامر اقليميا ودوليا، ان للمملكة ايضا اوراق مواجهة في الاشتباك السعودي ? الايراني، فاذا كان لايران مرشحها في لبنان الذي يعرقل انجاز الاستحقاق للسعودية ايضا مرشح قوي قادر على لعب دور محوري في اللعبة الرئاسية.

 

الحركة الفرنسية

في المقابل، كشفت اوساط مطلعة ان زيارة جعجع للمملكة متصلة بالتحضيرات الجارية من الجانب الفرنسي للملف الرئاسي وكذلك الروسي، كل على حدة، وكان نقاش معمق بين جعجع والمسؤولين السعوديين في الملف بابعاده كافة، واسباب العرقلة المتأتية من الجانب الايراني عبر فريق 8 اذار.  اما اللقاء مع الحريري فاوضحت الاوساط انه بحث، الى الرئاسة، شؤون فريق 14 اذار واهمية حمايته كمنطلق لحماية لبنان. ووضع الحريري حليفه المسيحي في اجواء تحضيرات الحوار مع حزب الله. واكدت ان المملكة تشجع الموفد الرئاسي الفرنسي في مهمته بشرط ان تتوافر عناصر نجاحها، خصوصا ان الفرنسي يتحرك بضوء اخضر اميركي تماما كما ابان مرحلة ما قبل تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام حيث انتج الحراك الفرنسي في اتجاه ايران توافقا على تشكيل الحكومة.

 

ايجابيات مطلع العام

 في غضون ذلك، دعت مصادر دبلوماسية غربية الى ترقب تطورات مهمة على المستوى الاقليمي بين شهري كانون الثاني وشباط من العام 2015 قد تترك انعكاسات ايجابية على لبنان، وقالت ان دول القرار الفاعلة والمؤثرة اعدت جدولا مبرمجا وموسعا لملفات منطقة الشرق الاوسط الساخنة بالتزامن مع الاتصالات الدولية والاقليمية المكثفة بقيادة اميركية روسية وفرنسية، قد يكون الاستحقاق الرئاسي اللبناني في مقدمته نسبة للخطورة المترتبة جراء استمرار الشغور في رأس الدولة منذ مئتين وتسعة ايام، في ظل التحديات الداهمة والتهديدات التي تطلقها المنظمات الارهابية والتكفيرية.

 

مساعدات عسكرية

وأضافت المصادر ان لبنان سيشهد اعتبارا من مطلع العام دفقا في المساعات العسكرية النوعية للجيش والقوى الأمنية بما يمكنها من مواجهة الارهاب  ومخططاته المرسومة للبنان من البوابة السورية، مع بدء وصول المساعدات الفرنسية من هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية اضافة الهبات العينية الاميركية من ضمن المليار السعودي المتوقع ان تزداد اعتبارا من الشهر المقبل.

العسكريون المحتجزون

في موازاة ذلك، لم يسجل اي تقدم في ملف العسكريين المحتجزين لدى «جبهة النصرة» و»داعش» في انتظار ايجاد الحكومة الوسيط بينها وبين الخاطفين لاستئناف المفاوضات. وفي هذا الاطار، أعلن الناطق باسم الاهالي حسين يوسف انهم سيلتقون رئيس الحكومة تمام سلام في الساعات المقبلة لحثه على تفويض الشيخ وسام المصري بشكل رسمي، «وقد أبلغنا أمس ان لديه مبادرة جيدة وغير معقدة يتكتم على تفاصيلها، وينتظر تفويضا رسميا كي لا تحترق، كما أنه على تنسيق مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم».

 

وساطة المصري

وفي السياق، تضاربت المعلومات في شأن وساطة المصري القائمة اليوم بشكل فردي لا رسمي، ففيما أفاد بعضها ان «جبهة النصرة» لم تستقبل الشيخ المصري ويتوقع ألا تستقبله، وكذلك بالنسبة الى تنظيم «الدولة الاسلامية» الذي لن يلتقيه مجددا، لفت البعض الآخر الى ان المصري ينتظر اتصالاً من «داعش» للعودة الى الجرد بهدف الحصول على تعهد بعدم قتل العسكريين وعلى المطالب النهائية لـ»داعش».

 

«الى الأفضل»

 الى ذلك، حطّ أهالي العسكريين امس في عين التينة، حيث التقوا رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أكد أمامهم ان «موضوع المقايضة قائم بالمبدأ، وحسب المعلومات التي وردتني امس ان شاءالله الامور افضل»، مشيراً الى انه ينسق مع رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط ومعتبرا ان «قضية العسكريين المخطوفين هي قضية كل لبنان واللبنانيين».