هل كان يجرؤ وزير الداخلية نهاد المشنوق على استخدام القوة ضد تظاهرة لحزب الله رغم أن حزب الله يحترم القوانين ولا يحتل وزارة، لكن السؤال لو كانت التظاهرة لحزب الله حول مبنى وزارة البيئة وفي ساحتها الخارجية هل كان وزير الداخلية يتجرّأ على قمع التظاهرة او التصدّي لأي متظاهر وكان ترك المتظاهرين على هواهم لأن الوزير المشنوق لا يستطيع ان يعارض حزب الله بأي شيء او يتصدّى لأي مظاهرة يقوم بتنظيمها.
الطبقة السياسية اللبنانية لم تتعلم وتتعظ عبر ذراعها التنفيذية الامنية على الارض وتحديدا وزير الداخلية نهاد المشنوق ومن خلفه الرئيس تمام سلام وكل الداعمين لخطواتهم، ان القمع لا ينهي مشكلة، وان انظمة كبيرة وديكتاتوريات عجزت جيوش «جرارة» عن حمايتها عندما تصدت لمطالب الناس بالقمع والامثلة كثيرة، ويبدو ان السلطة لم تتعظ وما زالت تكابر وترفض الانصياع للمطالب الشعبية التي لن تتوقف وربما «تتدحرج» الى ما بعد اسقاط وزير وربما الى المطالبة برحيل كل هذه الحكومة ومحاسبة الطبقة السياسية المفلسة.
الحراك الشعبي، لن يهدأ، وهو يتطور مع كل تحرك شعبي ويتصاعد مع انضمام المزيد من الناس للحراك وتمسك المتظاهرين بمطالبهم، ورغم ذلك فان الحكومة ما زالت تتعامل «بتعال» وبغض نظر، ولامبالاة، وتعتقد ان الامور ستهدأ قريباً بالتزامن مع اطلاق اتهامات عن خلفيات الحراك استدعت وزير الداخلية الى اتهام دولة خليجية صغيرة بالوقوف وراء المتظاهرين ودعمهم ماليا.
ورغم مرور اسابيع على التحركات الشعبية وتصاعدها فان الطبقة السياسية المفلسة غير مستعدة لتلبية اي مطلب من مطالب المعتصمين، لا بل على العكس فان الرئيس تمام سلام اكد ان محمد المشنوق لن يستقيل ولا بحث في مطالب المتظاهرين تحت الضغط، واعطى وزير الداخلية نهاد المشنوق نصف ساعة لشبان الحراك المدني للخروج من وزارة البيئة، بعد ان دخلها المعتصمون ظهر امس وانتشروا في مكاتب الوزارة مطالبين وزير البيئة بالاستقالة حيث كان وزير البيئة محمد المشنوق في مكتبه مؤكداً على تحمّل مسؤولياته، فيما اعتبر وزير الداخلية ان المعتصمين احتلوا مرفقاً عاماً ولا بد من اخراجهم بالقوة، واعطى وزير الداخلية وبدعم من سلام القرار للقوى الامنية بالدخول بالقوة الى وزارة البيئة وبعملية بوليسية مستخدمين «الهراوات» وكل اساليب الضرب ضد المعتصمين واجبروهم على الخروج بالقوة ونقل اكثر من 7 جرحى الى المستشفيات و60 جريحاً عولجوا في مكان الاعتصام فيما أوفد وزير الداخلية فريقه الامني الى مبنى وزارة البيئة للتفاوض مع قادة الحراك المدني وتحديداً مروان معلوف وعماد بزي وطارق الملاح الذين رفضوا الخروج من المبنى مؤكدين على موقفهم باستقالة وزير البيئة، ورفض قادة الحراك المدني مغادرة المبنى وأصروا على البقاء والاعتصام لكن هؤلاء خرجوا عند الساعة التاسعة والنصف ليلا من مبنى وزارة البيئة بعد ان تعرضوا لأبشع انواع القمع والضرب والاصابة الجسدية.
مشهد الاعتداءات الامنية على المتظاهرين «العزل» بالهراوات وبشكل وحشي كان أمس في شوارع بيروت وليس في شارع آخر (...) وامام وسائل الاعلام العالمية التي نقلت صوراً عن الاعتداءات «حركت» العواصم وستجعل «الحراك المدني» يتطور ويكبر «ككرة الثلج» ولن يتوقف الا عند رحيل حكومة تمام سلام.
فما هو «المبرر» الذي سيعطى الى اللبنانيين عن السبب للاستخدام المفرط «للقوة» بحق الشباب والصبايا الذين يطالبون بالدولة المدنية.
للحقيقة فان الرئيس الراحل عمر كرامي وعندما اتهمته السيدة بهية الحريري بالمسؤولية عن دم شقيقها الرئيس الراحل الشهيد رفيق الحريري بادر على الفور الى «الاستقالة» دون سؤال أحد، واحدثت استقالته صدمة اقليمية عند حلفائه، لكن الرئيس كرامي شعر بأنه لا يتحمّل مثل هذا الكلام، وانتصر «لضميره» وليس للكرسي.
ما هو المبرر عند وزير الداخلية ورئيس الحكومة بالاصرار على وضع قادة «الحراك المدني» امام معادلة «اما الخروج من المبنى سلمياً او الخروج مكبلين» ورفض قادة الحراك لهذه المعادلة والاصرار على استقالة وزير البيئة فيخرجوا «مكبلين» «مهانين».
ما هو المبرر من قبل القوى الأمنية باقتحام مبنى وزارة البيئة في هذه الطريقة البوليسية واستخدام القمع بوحشية ضدّ الشباب والشابات العزّل وضربهم بالعصي على رؤوسهم، واقتحام الطابق الثامن حيث يتواجد المعتصمون وبالقوة، ووزعت القوى الامنية الشباب الثمانين الى «مجموعات» ونقلوا كل «مجموعة» الى احد الطوابق واجبروهم على مغادرة كل مجموعة على حدة «عجزوا» عن دفع قادة التحرك الى المغادرة بعد ان نقلوهم الى الطابق الرابع عشر، واوفد المشنوق مستشاره الامني العميد منير شعبان للتفاوض مع المعتصمين وابلاغهم امر تنفيذ الشروط او المغادرة «بالقوة».
مشهد نقل «القوى الامنية» المعتقلين الى الشاحنات وتجاوز عددهم الـ 100 هزّ صورة القوى الامنية، واعطى عنها صورة «القمع» و«البطش» حيث ظهرت الصورة امس في بيروت اشبه بحرب شوارع، في ظل ملاحقة القوى الامنية للمعتصمين رغم ان شباب «الحراك المدني» دخلوا الى وزارة البيئة حيث كان الوزير في مكتبه، ولم يتعرضوا له بكلمة وحافظوا على كل محتويات وزارة البيئة ولم يدخلوا اي مكتب بل انتشروا في الباحات. قادة الحراك المدني اعلنوا ان تحركاتهم مفتوحة وستعتمد المفاجآت اليومية لكن لا تراجع عن استقالة الوزير نهاد المشنوق.
لبنان يعيش ازمة نظام حقيقية، وطالما الطبقة السياسية تتجاهل المطالب وتذهب الى الحل غير «الجذري» فان التحركات ستتصاعد والحكومة ورئيسها في مأزق حقيقي ومعه كل الطبقة السياسية التي حاولت التوحد بكل رموزها من 8 الى 14 آذار للدفاع عن الدولة وحكومتها الحالية ووصف المتظاهرين «بالغوغائيين»، و«الفوضويين» والارتباطات بجهات خارجية ويريدون «الفوضى الخلاقة» مع سيل من الاتهامات دون ان تبادر السلطة الى نقاش هادئ وموضوعي وبالتالي ما المانع من استقالة الوزير محمد المشنوق، ومحاسبة كل الذين مارسوا القمع واعلان التحقيقات وكلها مطالب من الممكن تحقيقها.
واللافت ان الرئيس سلام رفض استقالة الوزير محمد المشنوق، كما ان اركان الطبقة السياسية اعتبروا استقالة المشنوق ليس الحل، فيما اتهم الوزير محمد المشنوق القوى السياسية المشاركة في الحكومة في «افشاله» والتآمر عليه، محمّلا النائب وليد جنبلاط المسؤولية الاولى عن وصول الحكومة والبلاد الى هذه المرحلة من الانهيار لانه رفض المناشدات بفتح مطمر الناعمة لمدة 6 أشهر اضافية حتى ايجاد الحل لملف النفايات، كما ان قادة الحراك المدني طالبوا الوزير المشنوق باعلان اسماء الذين يعرقلون الحل.
وفي المقابل، اعلن «تيار المستقبل» انه يرفض استقالة اي وزير بهذه الطريقة ورفض الاعتداء على المؤسسات العامة، كما اعتبر جنبلاط ان الدخول الى مكتب المشنوق لا يحل المشكلة.

ـ عون يخشى الربيع العربي ـ

وأكد رئيس «تكتل الاصلاح والتغيير» العماد ميشال عون «اننا سنشارك في طاولة الحوار التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري» مشيرا الى «اننا نريد ان نرسخ شرعية ثابتة وليس شرعية مزورة».
واوضح «اننا مع الشباب الذين يتظاهرون لكن علامة الاستفهام هي اليوم حول من يحرك هؤلاء»، لافتا الى «أنني أخشى الربيع العربي، وانا اخاف على لبنان من الربيع العربي هذا الربيع الذي كان جهنم العرب، وما يخيفني اكثر بشارة الـ«سي أن أن» ان لبنان صار على ابواب الربيع العربي».
واشار الى ان «الفوضى ليست الحل، تريدون الحل طالبوا بالانتخابات التي هي وحدها يمكنها ان تغير الطقم السياسي بكامله، طالبوا بأن تنتخبوا رئيسكم، فالانتخابات هي الحل وليس ضرب المؤسسات، تريدون ان تتغير الطبقة السياسية طالبوا بقانون انتخابي يعبر عن ارادتكم، وحدها الانتخابات تنظف الوسخ»، داعيا المتظاهرين الى مشاركة «التيار الوطني الحر» في مظاهرته يوم الجمعة الساعة 5 والنصف في ساحة الشهداء.

ـ ميقاتي تسلم دعوة بري الى الحوار ـ

وفي المقابل بدأ موفد رئيس مجلس النواب نبيه بري بتسليم الدعوات لعقد هيئة الحوار الوطني في 9 ايلول وقد تسلم الرئيس نجيب ميقاتي دعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لحضور الاجتماع الذي ستعقده «هيئة الحوار الوطني»، الثانية عشرة ظهر يوم الاربعاء في التاسع من ايلول الحالي في المجلس النيابي. وكان ميقاتي استقبل موفد بري النائب هاني قبيسي الذي سلمه نص الدعوة.

ـ بري: ارى «وحلاً» ـ

واعلن الرئيس نبيه بري ان ردود الفعل على مبادرته «مرحبة ومشجعة»، وان رد القوات اللبنانية متوقع نهار السبت، وكشف انه اجرى اتصالات مع الرئيس سعد الحريري وطلب منه العودة الى لبنان والمشاركة شخصياً في الحوار، فرد الحريري «سأحاول» وقال الرئيس بري انه «اجرى اتصالات قبل اسبوع من الحراك الشعبي بشأن اطلاق مبادرته مع عدد من الدول وسفراء الدول وكانت الاجواء كلها مشجعة وبدأت العمل على المبادرة قبل 10 ايام من بدء الحراك المدني.
ويقول بري ان لا فرق بالشكل بين حوار 2006 واليوم، لكن الفرق في جدول الاعمال وهو واضح.
وأكد امام زواره انه سيسعى لتحويل الحوار الى ورقة عمل، وسيحاول عقد جلسة صباحية واخرى مسائية، وانه اذا جرى التوافق على اي بند سيتم تشريعه في المجلس النيابي.
حول ما يحصل قال «عندما يكون هناك غيوم سوداء في شهر شباط يمكن ان تمطر خيراً او وحلاً، وحتى الآن ارى «الوحل» ولكن نسبة النجاح يمكن ان تكون صفراً او 100%.
وحول دخول المتظاهرين الى وزارة البيئة قال «الحراك المدني ارتكب هفوة بالدخول الى وزارة البيئة، اما تعامل القوى الامنية مع الحراك فهو خاطئ، وقد قلت رأيي في الحراك في خطابي في مهرجان الامام الصدر.
الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري سيصطدم بمطالب العماد عون الذي سيصر على اجراء الانتخابات النيابية وانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب لكنه سيقرّ بأن مجلس النواب قانوني لكنه غير شرعي، الحوار سيفشل باستثناء بند آلية عمل الحكومة وفتح دورة بتشريع الضرورة مع وضع قانون انتخابات وقانون جنسية، لكن سيطالهم التمييع في مجلس النواب ولن يتم اتخاذ الخطوات الجدية والاقرار كما سيصار الى ترقية 21 عميداً الى رتبة لواء ومن ضمنهم العميد شامل روكز الذي سيُرَفّع الى رتبة لواء ويكون له الحق بالخدمة سنة إضافية وتنتهي ولايته بعد انتهاء خدمة قائد الجيش العماد جان قهوجي. لكن الحوار امامه مطبات كبيرة واحتمالات الفشل اكثر من احتمالات النجاح.

ـ ملف النفايات ـ

واللافت ان رئيس اللجنة الوزارية لمعالجة ملف النفايات الوزير اكرم شهيب دعا العاملين في هذا الملف وتحديداً الخبراء البيئيين الى تقديم مقترحاتهم حيث سيكون الملف جاهزاً نهار الجمعة، ومن المتوقع ان يدعو سلام لجلسة حكومية لمناقشة التقارير واعلان الحلول، رغم ان سلام وعد بري ان لا اجتماعات للحكومة قبل دعوة الجلسة الاولى لهيئة الحوار الوطني، كما اجتمع وزير الداخلية نهاد المشنوق اجتماعاً مع اتحاد بلديات عكار وتم التباحث بملف النفايات حيث وافقت البلديات على انشاء «مكب» لرمي بعض النفايات في سهل عكار الزراعي، لكن العديد من الوزراء سيطالبون شهيب بفتح مطمر الناعمة.