قدّمت 14 آذار أمس صورة مختلفة عن المشهدية السياسية السائدة في المنطقة والقائمة على الاستقطاب المذهبي، ونموذجاً عن نفسها وعن لبنان بوصفه ناطقاً باسم صيغة «العيش معاً» ووصفة لدول المنطقة. وأعادت مع انتخاب الجمعية التأسيسية للمجلس الوطني لمستقلّي حركة 14 آذار النائب السابق سمير فرنجية رئيساً لها تجديد نفسها كإطار للتنوّع على قاعدة أن لا حلّ جزئيًّا لكل طائفة على حدة، في محاولة جديدة للعبور الى «انتفاضة السلام».

هذه المشهدية التي أكدت أن لبنان قضية بحدّ ذاته تجسدّها 14 آذار في ظلّ عودة المجتمعات الى مربعاتها الطائفية، شارك فيها أكثر من 300 عضو من كل الطوائف، بالإضافة الى ممثلين عن تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» و»الكتائب» و»الوطنيين الأحرار» والأمانة العامة لقوى 14 آذار.

وجدّد فرنجية فور إعلان فوزه التركيز على أهداف المجلس التي سبق وأطلقها في مؤتمر قوى 14 آذار في «البيال» العام 2012، وأهمّها دعوة جميع اللبنانيين الى التشارك في التحضير لـ«انتفاضة سلام تخرجنا من مآسي الماضي وتؤسّس لمستقبل أفضل». واعتبر أن التحضير لهذه الانتفاضة يحتاج الى مواجهة «الانكفاء الطوائفي الذي تشهده البلاد من خلال خلق إطار مدني حديث قادر على تخطي الترسيمات الطائفية والمذهبية التي فرضتها اصطفافات المواجهة».

وقال فرنجية لـ«المستقبل» بعد انتهاء اللقاء إن المجلس الوطني سيسعى الى التحضير لـ«انتفاضة السلام» مع كل قوى الاعتدال «أينما وجدت في لبنان وفي العالم العربي، مع القوى التي تشبهنا، لأن الظروف التي نواجهها صارت خطيرة جداً ولم يعد ممكناً المماطلة في هذا الموضوع».

في الغضون، بقي الوضع الحكومي معلّقاً بانتظار بروز بصيص حلّ أو تسوية في هذا الصدد لم يظهر حتى اليوم على حدّ تعبير وزير التربية الياس بو صعب الذي اختصر الوضع الحكومي بالقول «مكانك راوح».

ورداً على سؤال عما اذا كان ثمة بحث عن اقتراحات أو حلول للأزمة الحكومية قال لـ«المستقبل»: «العماد (ميشال) عون لن يتراجع عن تعيين قائد للجيش الآن. ولذلك أعتقد أن لا حلّ للأزمة إلا بسلّة شاملة تتضمن الموافقة على تشريع الضرورة في مجلس النواب وعودة الحكومة الى العمل وتعيين قائد للجيش».

أضاف بو صعب: «إذا كان البعض يتمسك بمبدأ عدم التعيين قبل أيلول المقبل يمكن وهذا اقتراح شخصي إصدار مرسوم أو اتخاذ قرار بتعيين قائد للجيش الآن وترك تنفيذ هذا القرار معلّقاً حتى أيلول. هذا اقتراح قد يحتاج الى تدقيق في الجانب القانوني لكن هذه فكرة يمكن أن تقود الى حلّ بدلاً من أن يبقى كلٌّ منا في خندق مقابل للخندق الآخر من دون حل».

يشار الى أن اقتراح بو صعب كان طُرح سابقاً في الكواليس السياسية لكن رئيس مجلس النواب نبيه برّي لم يوافق عليه تحت عنوان عدم جواز أن يصبح الجيش «برأسين».

عودٌ على.. النفط

في المقابل عاد ملف النفط الى الواجهة مع حديث زوار الرئيس برّي عن موفد أميركي معني أعاد تحريك ملف النفط مع رئيس المجلس، وأن البحث عاد الى نسب الاقتسام لهذه المادة بين لبنان وإسرائيل.

اضاف الزوار لـ«المستقبل» أن الجانب الأميركي يقترح أن تكون حصّة لبنان ثلثين مقابل ثلث واحد لإسرائيل، بينما يصرّ الرئيس برّي على نسبة ثلاثة أرباع للبنان.