نقلت أجواء جلسة مجلس الوزراء، أمس، لبنان إلى مرحلة جديدة من الاكتئاب السياسي والقلق من احتمال انتقال مسار التعطيل إلى الحكومة نفسها، مع إصرار وزراء «التغيير والإصلاح» و«الوفاء للمقاومة» وموافقة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام على مناقشة بندَين خلافيَّين في جلسة اليوم يتعلقان بالوضع في عرسال والتعيينات الأمنية.

هذان البندان اللذان تنذر مناقشتهما اليوم بـ«غيوم تعطيل» فوق الحكومة، على حدّ تعبير وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«المستقبل»، وتحوّل جلسة اليوم إلى جلسة «سبر نوايا» حسب وصف وزير الاتصالات بطرس حرب، خفّف الوزير الياس بوصعب من انعكاساتهما المباشرة على جلسة اليوم، كاشفاً لـ«المستقبل» أن «لا قرار متّخذاً من قِبَلنا بالاستقالة أو الاعتكاف الآن وإنّما إصرار على عدم تأجيل البتّ بالتعيينات الأمنية، وإبقائه بنداً أوّل في أي نقاش في مجلس الوزراء إلى حين البتّ به من دون وضع حدود لخياراتنا في الأسابيع المقبلة».

أضاف: «البيان الوزاري للحكومة نال شهراً من النقاش، ربّما يتطلّب النقاش في هذين البندَين شهراً أو أكثر وربّما نبتّ بهما خلال نصف ساعة، لكننا نصرّ على أن يبقى ملف التعيينات الأمنية بنداً أول للنقاش في كل جلسة، لأنّ مواقع أمنية عديدة شاغرة منذ سنة ونصف السنة في الجيش وقوى الأمن. نحن قادمون إلى جلسة الغد (اليوم) بإيجابية لكن بإصرار على المطلبَين من دون أن نضع حدوداً لخياراتنا في الأسابيع المقبلة».

وقائع

وكان الوزيران بوصعب وجبران باسيل سألا الرئيس سلام في بداية الجلسة، حسب مصادر وزارية، عمّا تنوي الحكومة فعله بشأن الوضع في عرسال، تماماً كما فعل الوزير حسين الحاج حسن، ثم أردف باسيل مطالباً بإدراج بند التعيينات الأمنية في جدول أعمال جلسة الغد (اليوم)، فردّ سلام أنّ جلسة اليوم (أمس) مخصّصة للموازنة ويمكن بحث الموضوعَين الآخرَين غداً (اليوم)، فقال وزير العمل سجعان قزي: «خلّينا نطرحهم اليوم دولة الرئيس ما هيك هيك الحكومة طايرة». أجاب سلام: «ما بتحمل لبكرا؟».

في هذا الوقت طلب الوزير حرب الكلام داعياً إلى إدراج بند انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة الغد (اليوم) أيضاً. ثمّ طالبت وزيرة المهجرين أليس شبطيني بإدراج بند القلمون (في إشارة ضمنية منها إلى أنّ المخاطر المحيطة بعرسال لم تكن لتظهر لولا تورُّط «حزب الله» في القلمون).

وبعد تذكير وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بأنّ الوزراء المعنيين هم مَن يقترحون أسماء المرشّحين للتعيينات الأمنية، والوزير نبيل دي فريج أنّ صلاحية تحديد بنود جدول الأعمال تعود لرئيس الحكومة وتعليق بوصعب بأنّ المقصود ليس استهداف صلاحيات رئيس الحكومة وإنّما مناقشة موضوع جدّي، أبلغ رئيس الحكومة الوزراء بأنّه سيفتح الباب أمام مناقشة البندَين المشار إليهما في جلسة الغد (اليوم).

سيناريو المقاطعة

وقال وزراء لـ «المستقبل» إنّ السيناريوات المتداولة كثيرة حول نتائج جلسة اليوم، منها احتمال مقاطعة وزراء تكتّل «التغيير والإصلاح» ووزراء «الوفاء للمقاومة» بعد فترة جلسات مجلس الوزراء (من دون وزراء حركة «أمل»)، واكتفاء الوزراء بالعمل في وزاراتهم. وفي هذه الحال لم يستبعد أكثر من وزير أن يعدل رئيس مجلس الوزراء عن دعوة الحكومة إلى الانعقاد بانتظار إيجاد مخارج للأزمة على النحو الذي حصل إثر النزاع حول ملف الجامعة اللبنانية حيث بقيت الحكومة من دون انعقاد لبضعة أسابيع.

وقالت أوساط سلام لـ «المستقبل» انّ رئيس الحكومة سيسعى في جلسة اليوم بكل ما أوتي من حكمة إلى إدارة الجلسة بقدر كبير من الدراية لتجاوز هذا المأزق، لكن الرئيس سلام في نهاية المطاف هو رئيس حكومة تجمع الأضداد وهي موجودة بقوّة توافق المتعارضين على استمرارها.