بعد طول انتظار، وعقب تنفيذها في طرابلس والبقاع، تتحضر بيروت والضاحية الجنوبية لانطلاق الخطة الأمنية الموعودة، بعدما استكملت شروطها والاعداد لها، والتي أشرف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيلها...

تأتي هذه الخطوة، وسط ظروف سياسية وأمنية بالغة الدقة والحراجة، محلياً واقليمياً وعربياً... ووسط تعقيدات داخلية موزعة على سلسلة عناوين، ومراوحة لافتة... وعودة الاهتزازات الأمنية الى سلسلة جبال لبنان الشرقية وتصدي الجيش اللبناني للمسلحين في جرود عرسال ورأس بعلبك والخروقات الاسرائيلية المتواصلة...

لا تقدم يذكر على خط انجاز الملفات المطروحة... وكأن تعثر انجاز الاستحقاق الرئاسي، ودخول الشغور في سدة الرئاسة الأولى يومه التاسع والثلاثين بعد الثلاثماية لم يكن كافياً، لتوفير قناعة بأن لبنان يعاني من أزمة - أزمات بالغة التعقيد حتى دخلت على الخط جملة ملفات وضعت البلد أمام مخاطر الفراغ الشامل، والعبث بالمؤسسات الدستورية، خصوصاً مع انضمام «التيار العوني» الى «القوات» و«الكتائب» في مقاطعة الجلسة التشريعية التي يعد لها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهي مقاطعة جرى تبريرها بأن لا شيء يتقدم على أولوية انجاز الاستحقاق الرئاسي... او مقابل «دفعة حرزانة» تتمثل بادراج مشاريع قوانين الانتخاب واستعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني وقانون الايجارات، على جدول أعمال الجلسة التشريعية... كما والاتفاق على ملء الشغور الذي يهدد عدداً من المراكز الاولى في المؤسسات العسكرية والأمنية...

 

جلسة تشريعية لن تبصر النور

إلا اذا...

وفي قناعة كثيرين، فإنه وعلى رغم توزيع جدول أعمال الجلسة التشريعية، فإن هذه الجلسة «لن تبصر النور في ضوء انعدام ميثاقيتها بفعل مقاطعة «الكتل المسيحية» («التيار الحر» «الكتائب» و«القوات») وان كان لكل أسبابه وخلفياته... وان الرئيس بري الذي ينسق مع الرئيس تمام سلام، لن يدعو الى عقد جلسة تشريعية لا تحضرها الكتل المسيحية، ولكن اذا أسرعت الحكومة في دراسة مشروع الموازنة وأرسلته الى مجلس النواب، عندها فقط تتراجع كتلتا «القوات» و«التيار الحر» عن موقفهما وتحضران جلسة «تشريع الضرورة».

وإذ التزم الرئيس نبيه بري الصمت يوم أمس، بعدما كاد «يخرج من ثيابه»، معلناً «اننا رضينا بالهم ولم يرض الهم بنا...» غامزاً من قناة الجنرال عون والبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي «الذي يجول في الخارج ويندب على الرئاسة...» فإن جملة مواقف صدرت عن غير فريق، حول العناوين المطروحة، لم تحمل أية اشارات ايجابية بأن الطريق الى الجلسة التشريعية - وان كانت «للضرورات» - ستكون «سالكة وآمنة»... وقارب السجال المتعلق بالتشريع، والموازنة والمواقف السياسية والتعيينات، حدّ اللاعودة لدى البعض لحسابات بحث فئوية...

 

«تكثيف الاتصالات»...

و«تشريع الضرورة»

وفي هذا، فقد تكثفت الاتصالات في الساعات الأخيرة بين رؤساء الكتل والقيادات السياسية والحزبية، أبرزها تلك التي جرت بين الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام - الذي التقى في مكتبة في السراي الحكومي رئيس جمهورية ايرلندا مايكل هيغنز وعرض معه الأوضاع في لبنان والمنطقة - وتناولت مختلف الملفات، من التشريع الى الموازنة والتعيينات وسائر الموضوعات...

وفي السياق، فقد وإذ جدد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، موقفه «المؤيد عقد جلسة تشريعية» قال «انا مع تشريع الضرورة و«المبحبح»... لافتاً الى أنه «مقتنع بأنه لا يجوز عدم التشريع في ظل الشغور الرئاسي، لاسيما وان هذا الشغور طال... وفي الوقت نفسه لست مقتنعاً بأن تعطيل التشريع سيدفع من يعطل استحقاق الرئاسة الى النزول الى مجلس النواب لانتخاب رئيس...».

 

الافرقاء بين التأييد والرفض والانتظار

وقد توزعت مواقف الافرقاء من مسألة الجلسة وسائر الملفات على النحو التالي:

فقد لفت عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري الى ان هناك نقاشاً حالياً يدور في محاولة لحلحلة موضوع الجلسة التشريعية...» مؤكداً «ان انتخاب رئيس الجمهورية يشكل البداية الرئيسية للحل».

وإذ شدد «على وجوب تشريع الضرورة» اعتبر «ان هناك خللاً ميثاقياً في حال مقاطعة الكتل المسيحية لهكذا جلسة...» لافتاً الى «ان موقف كتلة المستقبل من حضور الجلسة سيعلن في الوقت المناسب».

أما رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع فلفت الى ان «توصيف مشكلة الرئاسة بأنها مسيحية - مسيحية فهو لغط كبير».

من جانبه رأى عضو كتلة «التغيير والاصلاح» النائب غسان مخيبر، «ان جلسة تشريع الضرورة هي دعوة الى اعادة حصر المواضيع الملحة بما هو ضروري جداً، كقانون الايجارات والموازنة العامة وسلسلة الرتب والرواتب واستعادة الجنسية... وهناك مواضيع أخرى يمكن ان تنتظر...».

بدوره، وتعليقاً على السجال المتعلق بالتشريع والمواقف السياسية المتضاربة، قال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، أنه «لا بد من اقرار مشروع الموازنة» العامة في مجلس الوزراء واحالتها الى المجلس النيابي، وفق الدستور والأصول... كما ان الحاجة ملحة لفتح دورة تشريعية للبت بعدد كبير من مشاريع القوانين المعلقة والتي تنعكس على الوضع الاجتماعي والمعيشي...».

من جهته أكد رئيس كتلة نواب «الكتائب» النائب ايلي ماروني، ان «التشريع في مجلس النواب ضروري» لافتاً الى ان «موقف الكتائب الرافض ليس من باب التعطيل، وإنما اشارة الى تعطيل أهم يحصل في رئاسة الجمهورية». مؤكداً ان «لا وسيلة اليوم في أيدي الساعين لانتخاب رئيس سوى الامتناع عن التشريع حتى لا نعتاد على تسيير شؤون البلد وكأن شيئاً لم يحصل...».

ورأى أنه «من المضحك ان «التيار الحر» انضم الى رفض التشريع في وقت هو من يعطل انتخاب الرئيس...».

 

خليل: لاقرار الموازنة سريعاً

ومن «بيت الاقتصاد اللبناني»، كان لوزير المال علي حسن خليل كلمة مستفيضة تحدث فيها عن الشؤون المالية والموازنة، وإذ شدد على «ان موضوع الموازنة العامة يجب ان يقر وبأسرع وقت اذ لا يمكن ان نستمر على هذه الحال وبعيداً عن الجدل الدستوري». فقد أكد «أنه لا يجوز لأي من الكتل النيابية تعطيل عمل المجلس النيابي» معتبراً ان «مثل هذا الأمر يعطل الحياة السياسية ويعقد الأمور أكثر...».

ورأى أنه لو كان الأمر انتخاب رئيس للجمهورية، وهو مطلبنا الثابت والذي نصر عليه في كل مناسبة، يتحقق بموقف مثل هذا الموقف لكنا وافقنا عليه بكل طيبة خاطر...

 

لقاءات الراعي الفرنسية...

وكلمة لباسيل

وهم الملفات اللبنانية، الشائكة والمتشعبة، حضر أمس، في لقاءات البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، مع المسؤولين الفرنسيين الذين التقاهم، وينتظر ان تتوج بلقاء مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، حيث سيسلمه «مذكرة متصلة بالوضع اللبناني».

وكان الراعي اجتمع أمس الى رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه وحضر الحقل التكريمي الذي أقامه وفد «المؤسسة المارونية للانتشار»  الذي يرافقه في زيارته الرعوية والسياسية الى فرنسا....

وكانت كلمة لوزير الخارجية جبران باسيل أمل فيها ان «تكون الوحدة المسيحية تتجلى اليوم بقانون استعادة الجنسية للمغتربين من أصل لبناني». واعتبر «اننا اليوم أمام لحظة مفصلية أمام اقرار هذا القانون ولا ضرورة تشريعية أكثر منه... فلا ضرورة وطنية في وجه «داعش» أكثر منه...».

 

العسكريون المخطوفون...

و«النصرة» تهدد

على صعيد آخر، سجل تطور سلبي أمس في ملف العسكريين المحتجزين لدى «جبهة النصرة» و«داعش» زعزع الايجابيات التي كانت تحوط المفاوضات لاطلاقهم، حيث تلقى الشيخ حمزة حمص والسيدة ماري خوري رسائل تهديد من «النصرة» أعلنت فيها ان «العسكريين سيدفعون ثمن تقصير الدولة اللبنانية». وأشار نظام مغيط لـ«المركزية» الى ان الأهالي سارعوا الى التواصل مع وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي اتصل بالمعنيين والمفاوضين مع «النصرة» للتحقق من صحة التهديد». وإذ لفت الى ان «أجواء التفاؤل تبددت»، كشف ان الأهالي سيصعدون ان لم يحصلوا على تسجيل فيديو يطمئن الى صحة العسكريين المخطوفين لدى «داعش» قبل نهاية الشهر الجاري»، لافتاً الى ان «تصعيدنا سيكون هذه المرة من نوع آخر، حيث لن نقطع الطرق ولن نعكّر حياة المواطنين».