قبل ان تهبط الطائرة التي نقلت رئيس الوزراء تمام سلام والوفد الوزاري المرافق له في مطار الكويت مساء امس استعدادا لمشاركة لبنان في مؤتمر الدول المانحة في ازمة النازحين السوريين، وجّه "حزب الله" رسالة اعتراض على الموقف الحكومي الرسمي في القمة العربية التي انعقدت في شرم الشيخ، الامر الذي يعني ان تداعيات الحدث اليمني لبنانيا لم تتوقف عند المستوى السياسي وحده بل ستتمدد الى المستوى الحكومي. كما ان بوادر هذه التداعيات الساخنة برزت في تصعيد رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط حملته على التوسع الايراني في المنطقة وخصوصاً من حيث رده الحاد امس على ما وصفه بـ"ازدراء كبار المسؤولين الايرانيين للشعوب العربية وتنوعها وسائر القوميات والطوائف بتصريحاتهم عن الامبراطورية التاريخية"، وذهب ساخرا الى اقتراح "استبدال تسمية الجمهورية الاسلامية الايرانية بفارس الاسلامية".

وفي موقف جديد له من الكلام الاخير للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، صرح امس السفير السعودي علي عواض عسيري لمحطة "ام تي في" للتلفزيون: "ليس لدي أي تفسير سوى ان هناك أزمة نفسية ويا للأسف ويبدو لي ان ما عبرت عنه في تصريح لي كاف ليتعامل مع خطاب نصرالله". وقال ان "ما يصدر من بعض القيادات السياسية وتتباهى به اعلاميا اعتقد انه في غير مكانه والشأن اليمني هو شأن يمني ليس شأنا لبنانيا ولا شأن أي قيادة في لبنان".
وفي اول موقف رسمي علني لـ"حزب الله" من الموقف اللبناني في قمة شرم الشيخ، علق وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن على خطاب الرئيس سلام في القمة بقوله: "استمعنا لخطاب دولة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في مؤتمر القمة العربية في شرم الشيخ، والذي برر فيه ما تقوم به بعض الدول العربية من عدوان على اليمن وشعبه، وأيضا تأييده لإنشاء قوة عربية مشتركة من خلال الجامعة العربية. ونحن يهمنا أن نوضح أن هذين الموقفين: العدوان على اليمن وإنشاء القوة العربية المشتركة، لم يناقشا في الحكومة اللبنانية، وما أدلى به دولة الرئيس سلام يعبر عن وجهة نظر قسم من اللبنانيين ولا يعبر عن وجهة نظر لبنان الرسمي المتمثل بالحكومة اللبنانية، وسوف نطرح هذا الأمر للنقاش في أول جلسة لمجلس الوزراء اللبناني".
ومع ان اوساطا وزارية بارزة من فريقي قوى 14 آذار والمستقلين استبعدت ان يؤدي موقف الحزب من خطاب سلام في القمة الى ازمة حكومية معقدة، فانها توقعت ان تشهد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء المقرر عقدها غدا بدل الخميس الذي يصادف موعد الجلسة الـ21 لانتخاب رئيس للجمهورية نقاشا مستفيضا وربما ساخناً في شأن هذا الاعتراض من منطلقات عدة أوجزت أبرزها لـ"النهار" بان الرئيس سلام التزم المبادئ الاساسية التي نص عليها البيان الوزاري في كل ما يعود الى المواقف اللبنانية من القضايا العربية والحفاظ على العلاقات مع الدول العربية واعلاء مصالح لبنان العليا وفي الوقت نفسه التشديد على تحييد لبنان عن صراعات المحاور الاقليمية والدولية . ولفتت الى ان طرح هذا الموضوع في مجلس الوزراء سيدفع وزراء كثيرين الى مساءلة "حزب الله" في المقابل عما اذا كان تشاور سلفاً مع الحكومة في مسألة تورطه في القتال في الخارج أو ما اذا كان نسق مع الحكومة حملاته الحادة المتعاقبة على دول خليجية على خلفية ارتباطه بايران مهددا مصالح مئات الآلاف من اللبنانيين فيها.

 

مؤتمر الكويت
أما بالنسبة الى المؤتمر الثالث للدول المانحة لدعم النازحين السوريين فأفادت موفدة "النهار" سابين عويس التي تواكب الوفد الحكومي اللبناني ان المؤتمر يضم اكثر من 87 دولة و38 منظمة دولية ستجتمع اليوم في الكويت التي استجابت طلب الامم المتحدة واستضافت المؤتمر، على رغم تحفظات كانت سجلتها نتيجة تقصير برز من بعض الجهات المانحة في الوفاء بالتزاماتها المالية المقررة في المؤتمر الثاني.
ويشارك لبنان، المعني الاساسي بالمؤتمر بما أنه يستضيف اكثر من مليون ونصف مليون نازح على اراضيه، بوفد رفيع يرأسه الرئيس سلام ويضم وزراء الخارجية جبران باسيل، والداخلية نهاد المشنوق، والشؤون الاجتماعية رشيد درباس، والزراعة اكرم شهيب، والعمل سجعان قزي ومستشار سلام شادي كرم. ويعرب لبنان من خلال هذا التمثيل عن الاهمية التي يعلقها على المؤتمر في دعمه حكومة ومجتمعات مضيفة، في مواجهة اعباء النزوح، خصوصا وان الحكومة لا تخفي تحفظاتها عن تأخر وصول المساعدات المعقودة للبنان، بما يزيد تفاقم الازمة ولا يساعد على حلها.
وأفادت مصادر حكومية ان سلام يحمل الى المؤتمر ورقة محددة تم اعدادها وتحديثها، تشكل خلاصة مفيدة للمشاريع التي يحتاج لبنان الى تمويلها، بقيمة 2,4 ملياري دولار، وقد أعدت باتقان بحيث حددت المشاريع وجدواها وحاجاتها التمويلية، بما يساعد المانحين على تبنيها وتنفيذها. كما تعلق الكويت أهمية كبيرة على المؤتمر، وتحرص على انجاحه وتتويج هذا النجاح بحجم غير مسبوق من الدعم المالي الدولي. ص2.

قمة بكركي
في غضون ذلك، خرجت القمة الروحية التي انعقدت امس في بكركي بصرخة جديدة في ازمة الفراغ الرئاسي في لبنان اذ اعربت عن "قلقها واستيائها الشديدين جراء استمرار الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية لما يشكله من خطر على سيادة لبنان وامنه وسلامته وحتى على صيغته الحضارية". وجددت دعوة القوى السياسية الى "الاحتكام الى المصلحة الوطنية العامة" مشددة على "ان رئيس الجمهورية المسيحي الماروني هو الضمان الاساسي لاستمرار العيش معا وتاليا بقاء الدولة اللبنانية".

أهالي المخطوفين
على صعيد آخر أعاد أهالي العسكريين المخطوفين تحركهم فجأة امس في الشارع اذ بادروا الى قطع الطريق الرئيسية في منطقة الصيفي ظهرا وتوعدوا بنصب خيم في هذه المحلة ما لم يحصلوا على أجوبة واضحة من الحكومة في شأن ملف التفاوض ثم بادروا مساء الى اشعال اطارات قبالة السرايا الحكومية.