تَوزَّع الاهتمام أمس بين شرم الشيخ ولوزان ولبنان. ففي مصر، اختتمت القمة العربية أعمالها وتبنّى القادة العرب المشاركين فيها قرارَ إنشاء قوّة عربية مشتركة لمواجهة التحديات وصَون الأمن القومي العربي، وأكّدوا دعمَهم عملية «عاصفة الحزم» في اليمن «بعد استنفاد كلّ الوسائل للوصول إلى حلّ سلمي للانقلاب الحوثي»، في حين أعلنَ السفير السعودي في الولايات المتحدة عادل الجبير أنّ بلاده لم تتّخذ قراراً بإرسال قوات برّية إلى اليمن وأنّ الأمر يقتصر حتى الآن على حملة جوّية.

أمّا في لوزان فتدور جولة تفاوض نووي وُصِفت بالمصيرية بين إيران ودوَل الغرب، تترافق مع حديث غربي عن ملامح تسوية، قابَله نفيٌ إيرانيّ، في حين أعلنَ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو انّ الاتفاق الآخذ بالتبلور «قد يكون أسوأ ممّا كانت إسرائيل تتصوّره في بداية الأمر».
أمّا في لبنان الرازح تحت شغور رئاسيّ، فقد بلغَ عدد الدعوات إلى جلسات انتخاب الرئيس العتيد الرقم 21، عِلماً أنّ جلسة انتخاب جديدة ستُعقد الخميس المقبل.

تزامُناً، عمَّت احتفالاتُ أحد الشعانين لدى الطوائف المسيحية التي تتبَع التقويم الغربي مناطق لبنانية، وأقِيمت القداديس والزياحات، وركّزَت العظات في المناسبة على تجذّر الموارنة بأرضِهم وسط موجات التهجير، وبقاء لبنان الموطن الآمن لهم ولكلّ مسيحيّي الشرق، وضرورة الاستعجال في انتخاب رئيس الجمهورية المسيحي الوحيد في الشرق. وقُرِعَت أجراس العيد فرَحاً وسط موجات التكفير والتهجير والقتل.

برّي

وأكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوّاره أمس «أنّ الحوار بين تيار «المستقبل» وحزب الله أثبَت انّه حاجة وطنية وأنّه حقّق استقراراً ملموساً، إذ لولاه لكان الوضع الآن بعد كلّ ما جرى ويجري غيرَ ما هو عليه اليوم من هدوء». وقال: إنّ هناك حرصاً لدى الجميع على هذا الحوار، بدليل أنّه على رغم بعض المواقف التصعيدية التي يتّخذونها، فهُم يشَدّدون على الاستمرار في الحوار، وستنعَِقد الجولة الجديدة من هذا الحوار في عين التينة في موعدها الخميس المقبل».

وكشفَ برّي أنّ مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي سينعقد في بيروت أواخر نيسان المقبل، بعدما كان مقرراً عقدُه في المغرب بذريعة انّ الأوضاع الامنية في لبنان غير مستقرّة ولا تسمح بعقده في بيروت، ولكن عندما سألني رئيس الدورة الحاليّة للاتحاد، رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم شدّدتُ على أنّ الاوضاع الامنية في لبنان هي الآن أفضل من الاوضاع في بلدان كثيرة في المنطقة، وفي إمكان لبنان ان يستضيف المؤتمر، ويكون في ذلك ما يؤكّد أنّ الأوضاع فيه مستقرّة».

سلام لـ«الجمهورية»

وقال سلام لـ«الجمهورية»: «عموماً، نستطيع القول إنّ القمّة العربية كانت قمّة مميّزة واستثنائية في ضوء الانفتاح العربي ـ العربي والتقارب، خصوصاً التقارب المصري ـ الخليجي».

وعن إنشاء القوة العربية المشتركة، قال سلام: «يبدو أنّ هناك نيّاتٍ قويّة في السعي والعمل على تحقيقها، مع الأخذ في الاعتبار أنّ المطلوب الكثير من العناية، لأنّ الأمر حسّاس ودقيق، وله بُعد عسكري وأمني كذلك». وعن موعد إطلاق هذه القوّة، أجاب: «ذُكِر أنّ الأمر يتطلب بضعة أشهر ونتمنّى أن يتحقق ذلك».

وكان سلام أكّد في كلمته امام القمّة تأييدَ لبنان «إنشاءَ قوّة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب وصَون الأمن القومي العربي». وقال «إنّ لبنان، وانطلاقاً من حِرصه على دعم الشرعية الدستورية في اليمن، وعلى الإجماع العربي ووحدة كلّ البلدان العربية واستقرارها، يعلن تأييدَه أيّ موقف عربي يحفَظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه وتماسكَ نسيجه الاجتماعي».

وإذ أكّد حِرص لبنان الدائم «على المصلحة العربية العليا وتضامنَنا مع أشقّائنا العرب في كلّ قضاياهم المحِقّة»، دعا إلى»تحييد لبنان عن كلّ النزاعات الاقليمية التي قد تكون لها انعكاسات سلبية على الوضع اللبناني».

وأبدى سلام حزنَه لعدم وجود رئيس للبنان في القمّة العربية، مشيراً إلى أنّ «التأخير المتمادي في انتخاب رئيس للجمهورية» أدّى «إلى تعَثّر عمل مؤسساتنا السياسية، وأنعكسَ سلباً على دورتنا الإقتصادية»، آمِلاً في نجاح «الحوار القائم بين الأطراف السياسية، والذي أشاعَ أجواءً إيجابية، في البلاد، وفي خلق المناخ المؤاتي لإنجاز هذا الاستحقاق الدستوري البالغ الأهمية، ليكون في مقعد لبنان في القمّة العربية المقبلة رئيسُ الجمهورية اللبنانية، رأس دولتنا ورمز وحدة وطننا».

... وإلى الكويت

ويتوجّه سلام قبل ظهر اليوم الى الكويت للمشاركة في المؤتمر الدولي للمانحين، المخصّص لمساعدة النازحين السوريين والدوَل المضيفة، والذي تنظّمه الأمم المتحدة وتستضيفه الكويت للسنة الثالثة على التوالي منذ المؤتمر الأوّل في 30 حزيران 2013. وسيرافقه الى العاصمة الكويتية وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس ووزير العمل سجعان قزي وعدد من المعنيين بملفات الإغاثة والمستشارين الإقتصاديين.

وكان سلام انتهَز فرصة وجودِه في القمّة العربية ليناقش أعمال مؤتمر الكويت مع القادة العرب الكبار، وخصوصاً مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي تستضيف بلاده المؤتمر، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، لزيادة حصة لبنان من المساعدات التي يمكن أن يقرّرها المؤتمر، عِلماً أنّ لبنان لم يجنِ من المؤتمرين السابقين ما يتجاوز الـ 33 % مما تقرّر من مبالغ مالية، عدا عن المساعدات العينية التي تتولّى منظمات عربية توزيعَها مباشرةً عبر مؤسسات دار الفتوى والجمعيات المختلفة ومن خلال بعثاتها الإنسانية والإجتماعية والطبّية في لبنان والتي افتتحت مراكزَ لها قرب تجمّعات النازحين، خصوصاً في منطقتي البقاع وعكّار.

وقال سلام لـ«الجمهورية» إنّ لبنان سيقدّم الى المؤتمر اليوم خطة مفصّلة ورزمة كاملة لحاجاته. وأكّد أنّ لبنان لم يكن راضياً عن نتائج المؤتمرَين السابقين لأنّ طريقة توزيع المساعدات التي تقرّرت فيهما لم تفِ بحاجات جميع النازحين».

درباس

وأوضح درباس لـ«الجمهورية» أنّ لبنان يحمل معه الى الكويت خطة الاستجابة اللبنانية للأزمة السورية والتي تتضمّن مليارين ومئة مليون دولار لسنَتي 2015 و2016، ستتوزّع بنسبة 37 في المئة لخطط دعم الاستقرار اللبناني وتأهيل البنى التحتية للتمكّن من تحمّل هذا العبء، ونسبة 63 في المئة ستُصرَف كمساعدات إنسانية للبنانيين وغير لبنانيين، أي تستهدف مليوني شخص، بينهم مليون لبناني من الأكثر فَقراً».

وقال درباس: «تبَلّغتُ سابقاً من السفير الاميركي عن وجود مِنحة اميركية طبّية للبنان، وفوجئتُ امس كما سمعنا من الوزير نهاد المشنوق العائد من زيارته لواشنطن أنّها بقيمة 500 مليون دولار، كذلك وُعدنا بمساهمة ألمانية جديدة، وتحدّث السفير السعودي أيضاً عن مِنح خليجية كبيرة.

هذه المرّة أنا متفائل، وأتوقّع خيراً لأنني أعتقد أنّه باتت هناك دينامية جديدة، بعد فترة من غياب القرار، فزِمام المبادرة قد استُعيد بعدما تبيّن أنّ أيّ تفتُّت في أيّ بلد عربي سينعكِس سريعاً على دول الجوار.

مجلس وزراء

على صعيد آخر، ينعقد مجلس الوزراء هذا الأسبوع استثنائيا عند العاشرة قبل ظهر بعد غدٍ الأربعاء بدلاً من الخميس، لتزامنِ الموعد مع الاحتفال بـ«خميس الغسل».

ويتضمّن جدول أعمال هذه الجلسة 47 بنداً عادياً، بينها 12 بنداً مؤجّلاً من الجلسة السابقة، خصوصاً ما يتّصل منها بصرف مبلغ 4 مليارات و35 مليون للمطبعة الوطنية الفرنسية لطبع جوازات السفر الجديدة، وطلب وزارة الداخلية تطويع 500 مأمور متمرّن لمصلحة الأمن العام، وبتّ دفتر الشروط الخاص بإطلاق المناقصة العمومية الدولية لتجهيز وبناء مراكز للمعاينة الميكانيكية بعد إحداثها وتشغيل المحطات الموجودة للفحص الفنّي للمركبات الآلية.

وعلى جدول الأعمال أيضاً طلبُ الهيئة العليا للإغاثة سِلفة ماليّة لصرفِ الأموال اللازمة لتعويض اللبنانيين الذين تضرّروا من أحداث نهر البارد عام 2007. ويضاف إليها سلفات مالية لوزارة الدفاع وعددٍ آخر من الوزارات وفق القاعدة الإثنتي عشرية، وقضايا إدارية وماليّة عادية متفرقة.

وأرفِق جدول الأعمال بلائحة من خمسة مراسيم عادية على مجلس الوزراء تمّ توقيعُها تمهيداً لإصدارها وفق المادة 62 من الدستور، وهي تتّصل بقضايا مالية وإدارية، وأحدُها يتعلق بملف النفايات في صيدا.

ملفّ العسكريين

وعلى صعيد ملفّ العسكريين المخطوفين، نفَت مصادر مواكبة له لـ«الجمهورية» ما تردّد بعد ظهر أمس عن توقّف المفاوضات وانتكاسها، وأكّدت أنّ الامور تسير في المسار الصحيح، مُشكّكةً بالجهة التي سرّبَت للأهالي أخباراً كهذه لخَلق بَلبلة ومساعدة الجهات الخاطفة على الضغط في هذا الملف.

وحذّرت المصادر من «فبركاتٍ تهدف الى التشويش على خط التفاوض، خصوصاً أنّ البيان الذي قيل إنّه صادر عن «جبهة النصرة»، تبيّن أنّه ليس بياناً نظامياً لـها، حتى إنّ جهات قيادية فيها نفَت ان يكون صدر عنها بيان رسمي في هذا الشأن.

وأوضحت المصادر أنّ التفاوض مستمرّ ولو أصابَه البطء في مكان ما بسبَب سَفر الوسيط لدى»النصرة» من جهة، وبعض الامور التقنية المتعلقة بانطلاقة التفاوض مع»داعش»من جهة أخرى.

الحوض الرابع

إلى ذلك، تتّجه الأنظار اليوم الى مرفأ بيروت لمراقبة التحرّك الذي سيشهده ما لم يتوقّف ردم الحوض الرابع الذي عاد استكمال العمل في ملفّه الى الواجهة نهاية الأسبوع الماضي.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ الإتصالات ستتكثّف صباح اليوم لمواكبة التطوّرات التي ضربت عرض الحائط التفاهمات السابقة. فإذا إستؤنِف العمل سيشهد المرفأ اعتصاماً لأصحاب الشاحنات ونقابات العمّال، وستشهد بكركي اجتماعاً طارئاً خلال الساعات المقبلة لممثّلي الأحزاب المسيحية الخمسة، بعدما تجدّدت الإتصالات في ما بينها منذ الجمعة الماضي وتقرّر التريّث الى اليوم لاتّخاذ الإجراءات اللازمة وتوضيح الموقف مع رئيس الحكومة بحثاً عن مصير التفاهمات السابقة التي قضَت بتجميد المشروع.

الإضراب التربوي

ومن المصادفات أن تتزامن عودة الوفد اللبناني من مؤتمر الكويت عصر غدٍ مع ذروة التحرّكات المطلبية التي أعلنَت عنها هيئة التنسيق النقابية. إذ ستحطّ طائرة الوفد في مطار بيروت وسيكون عليه تجنّب العبور من منطقة الأونيسكو التي ستشهد الاعتصام الذي دعَت إليه هيئة التنسيق النقابية عند الأولى بعد الظهر أمام مبنى وزارة التربية بعد إقفال جميع المدارس والإدارات الرسمية بدءاً من الثانية عشرة ظهراً، على خلفية غياب أيّ طرح جدّي لحلّ قضية سلسلة الرتب والرواتب.

وتحضيراً لهذا التحرّك ينعقد المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين في لبنان ظهر اليوم تزامُناً مع انعقاد مجالس المندوبين في بيروت والمحافظات في مراكز فروع النقابة، لإنجاح الاعتصام أمام وزارة التربية والمناطق التربوية في المحافظات وتأمين أكبر مشاركة للمعلمين فيه.

وبرّرَت الهيئة تحرّكها بـ«التهاون الرسمي» في شأن السلسلة على الرغم من كلّ التحركات التي قامت بها في اتّجاه رئيسَي مجلس النواب والحكومة، والمماطلة الجارية على مستوى اللجان النيابية المشترَكة، فسقَطت الوعود التي قطِعت بإعادة طرح مشروع السلسلة مجدّداً في مجلس النواب وبَتّها.

ولفتَت الهيئة إلى أنّ هذا التحرّك مرَدُّه إلى أنّ معلمي المدارس الخاصة الذين لم يقبَض معظمُهم زيادةَ غلاء المعيشة منذ شباط 2012، ومَن قبضَها يخاف من حرمانه منها، خصوصاً أنّ بعض المؤسسات التي سدّدت غلاء المعيشة توقّفت عن دفعها بحجّة عدم صدور القانون بعد.