أعلن الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله «اننا في المقاومة لم يعد يعنينا اي شيء اسمه قواعد اشتباك ولا في مواجهة العدوان والاغتيال ولم نعد نعترف بتفكيك الساحات والميادين»، لافتا الى «ان من حقنا الشرعي والقانوني ان نواجه العدوان ايا كان هذا العدوان في أي زمان وأي مكان»، معلناً الآن أي كادر من كوادر المقاومة أو أي شاب يغتال سنتهم الاسرائيلي وسنعتبر ان من حقنا ان نرد في الطريقة والزمان المناسبين والحرب سجال يوم لكم ويوم لعدوكم منكم». واعتبر «ان هذه الثلة من شهداء القنيطرة، عبر امتزاج الدماء الايرانية واللبنانية على الارض السورية، تعبّر عن وحدة القضية والمصير والمعركة التي جزأتها الحكومات والتيارات السياسية والتناقضات»، وقال «بعد القنيطرة وشبعا جربتونا فلا تجربونا مجددا»، مؤكدا «ان المقاومة ليست مردوعة».

 


تحدث نصرالله في خلال احتفال تكريمي لشهداء القنيطرة في مجمع سيد الشهداء في الرويس في الضاحية الجنوبية، في حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلا بعضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب علي بزي، وفد من الجمهورية الاسلامية الايرانية برئاسة رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية علاء الدين بروجردي، وفد عراقي وباكستاني ووفود خارجية أخرى، رؤساء وممثلي احزاب وقوى لبنانية وعدد من فصائل فلسطينية، ممثلي البعثات الديبلوماسية في لبنان وممثلي الأجهزة الأمنية والعسكرية، إضافة الى مشاركة فاعليات دينية واجتماعية ونقابية وبلدية.

 

 


بدأ الاحتفال بأناشيد من وحي المناسبة، وشهدت مدينة بيروت والضاحية الجنوبية إطلاق نار كثيف تزامنا مع إطلالة نصرالله.

 

 


 

 


مباركة لعوائل الشهداء

 

 


بداية رحب نصر الله بالجميع، مباركاً لعوائل الشهداء «ارتقاء أحبتهم من مستوى الحياة الزائفة الفانية الى مستوى الحياة الحقيقية الخالدة» (...) متوجهاً بالشكر الى الشعب اللبناني العزيز الى شعب المقاومة وجمهورها والى كلّ الذين وقفوا الى جانب المقاومة منذ اللحظة الاولى للاغتيال - الجريمة في القنيطرة (...)، وقال: من واجبنا ونحن نحتفي بشهداء المقاومة ان نقف باجلال وإكبار أمام شهداء الجيش اللبناني البطل الذين استشهدوا في رأس بعلبك وهم يدافعون عن البقاع وعن لبنان وعن قراه الأمامية في وجه الجماعات المسلحة الارهابية التكفيرية التي يثبت في كلّ يوم انها تكمل ما قام به الاسرائيلي ويقوم به في سياق مشروع واحد الى قيادة الجيش وضباطه وجنوده وعائلات شهداء الجيش الكرام التي تشارك في ضريبة الدم اليهم كلّ التحية والعزاء والتبريك(...)»، معتبراً ان «هذه الثلة من الشهداء في القنيطرة، تعبّر عن أجيال المقاومة» وهي تؤكد وخلافا لما يشاع من أكاذيب، ان مجاهدي حزب الله ما زالوا مع بقية المقاومين في مقدمة الجبهات والخطوط الامامية وطليعة الشهداء، والدنيا ومن فيها لن تحول بينهم وما يؤمنون ويعشقون».

 

 


وأضاف «منطقتنا هذه للاسف منذ عقود ومنذ العام 1948، حكوماتها وشعوبها تعاني من وجود سرطاني اسمه الكيان الغاصب اسرائيل، غدة سرطانية ودولة ارهابية وعدوانية وجرثومة فساد واستكبار وعنجهية. لكن في السنوات الكثيرة، تتصرف اسرائيل بمزيد من العلو والعنجهية. ففي فلسطين، واضافة الى احتلالها الارض من دون حق، تستبيح الضفة وتشن حربا على غزة وتنتهك المقدسات وتهدد الأقصى وتتنكر لابسط حقوق الشعب الفلسطيني. وفي سوريا، واضافة الى احتلالها الجولان، تستعر الحرب الداخلية وتدعم الجماعات التكفيرية بهدف تدمير الدولة والجيش وتشن غارات في العمق. وفي لبنان، لا تعترف بالقرار 1701 الذي يقدسه بعضنا، وتحتل شبعا، وتخرق الجو والبر وتغتال احيانا، ويبقى لبنان في دائرة الخطر. الاسرائيلي اليوم في وضع يشعر فيه انه قادر على تهديد جميع شعوب وحكومات المنطقة، وممارسة العدوان ساعة يشاء دون رادع، وهو مستفيد جدا من اوضاع المنطقة، من انهماك الجيوش والانقسامات في الرأي العام العربي، والتمزقات في هذه المجتمعات العربية، وغياب الدول العربية الكامل وجامعة الدول العربية او عدم وجودها أًصلا. ويتأكد اليوم اكثر من اي وقت مضى، ان لا دول عربية او جامعة دول عربية، ولا وجود للمال والسلاح والقرار العربي المستقل الذي يشكلون فيه جبهة ضدّ ايران، عندما تكون المعركة مع اسرائيل، لكن عندما يكون القتال موجودا في العراق او سوريا او سيناء، تحضُر الاموال العربية (...)».

 

 


وأضاف «(…) سؤال للعالم العربي، للشعوب العربية ولحركات المقاومة وللجميع، هناك من وصل بهم الحقد الى الحديث عن نسيان اسرائيل، من يريد نسيان اسرائيل نقول له اننا لن ننساها، ولن ننسى الشعب الفلسطيني، هذه ثقافتنا وثقافة اولادنا الذين يعبرون عن هذا المعنى، وفي ما بعد سيعبر احفادنا عن هذا المعنى».

 

 


وتابع «كان من المفترض بعد العملية ان يصاب حزب الله بالارتباك والقلق والحرج والضياع، كما حصلت تقويمات كبيرة لتبعات ودلالات هذه الجريمة، في البعد الانساني نحن نتألم لاننا فقدنا احباء واعزاء، اما في غيره فكل ما حصل في هذه المصيبة لا نرى فيها الا الخير والبركة والايجابيات».

 

 


ولفت نصرالله الى «ان من الساعات الاولى للكشف عن جريمة الاغتيال في القنيطرة وأسماء الشهداء انشغل العدو والصديق والمحايد بالتحليل والتوقع والسؤال المركزي هل سيردّ «حزب الله» متى وأين وكيف وما هي حدود هذا الردّ وما هي المخاطر المترتبة عليه؟ يوم الاربعاء أجبنا على السؤال، كان هذا النقاش موجودا لكن النقاش الاكبر كان عند الاسرائيلي، والسؤال تمت الاجابة عليه بنسبة كبيرة. وما أصاب اسرائيل بعد اعلان «حزب الله» عن عملية الاغتيال في القنيطرة من المفترض ان هذا العدو بصفته دولة عظمى لا شك انه نفذ عملية القنيطرة عن سابق تصوّر وتصميم، ولا نعلم إذا كان الاسرائيلي حتى الآن أعطى جوابه النهائي تجاه هذه العملية»، مشيرا الى «اننا لا نعلم إذا تفاجأوا بوجود عميد إيراني في مجموعة القنيطرة بعد طريقة تعاطيهم مع خبر استشهاد الشهيد محمد علي الله دادي الذي وضع اسرائيل في حالة استنفار في الشمال والجولان واتخاذ إجراءات احترازية واستنفار معلوماتي استخباراتي، إضافة الى الرسائل التي وجهتها لنا عبر دول مختلفة وفي الوقت ذاته هناك تهويل وتهديد، لكن كلّ اسرائيل كانت عيونها وآذانها على لبنان وعلى «حزب الله» تحديدا».

 

 


واعتبر «ان أول الانجازات لدماء الشهداء وأول اعترافات الاسرائيلي بقيمة المقاومة وقدرتها وجهوزيتها ان منذ يوم الاحد وحتى الاربعاء اسرائيل واقفة على «إجر ونص» وعلى الحائط حتى يوم الاربعاء وهذا ببركة دماء الشهداء وعزم المجاهدين وداعميهم. البعض افترض ان الدنيا ستقوم على رأس «حزب الله» وإيران ستحذّر الحزب من الردّ لانها تخوض المفاوضات النووية مع دول الـ5+1، وأقول لكم لا من ايران ولا من سوريا ولا من اي صديق ولا احد من هؤلاء يرضى لنا المذلة وان تسفك دماؤنا».

 

 


وقال «اسرائيل وضعت كل الاحتمالات، من الحد الادنى الى ضرب بنى استراتيجية، لانها تعرف ان المقاومة قادرة وجاهزة. وفي وقت ارتباك اسرائيل، كل المنطقة كانت تنتظر منذ غارة الاحد كيف سيرد حزب الله. منذ الساعات الاولى قررنا من دون تردد انه يجب ان نرد، وان يعاقب العدو على جريمة القنيطرة ووضع حد للتمادي في الاجرام والعدوان والقتل، والامر يستحق التضحية ولو ذهبت الامور الى النهايات. حددنا منطقة العمليات ومكانها وزمانها والخيارات، وبنينا على اسوأ الاحتمالات وتحضرنا لها، واتخذنا اجراءات بناء على هذا، والاسرائيلي فهم ذلك جيدا، ان اي طلقة ستطلق يقف خلفها طرف مستعد للذهاب الى اي خيار، وهذا متعلق بالردع والنتيجة التي آلت اليها التطورات في شبعا بعد العملية.

 

 


وأضاف نصرالله «قتلونا في النهار، قتلناهم في النهار. الساعة 11.30 في القنيطرة والساعة 11.35 في شبعا، سيارتان مقابل سيارتان، وقتلى وجرحى. صواريخ مقابل صواريخ لا عبوات ولا سواها. جهارا ، عمل الشباب وحملوا الصواريخ على اكتافهم. أما الفرق الاول بيننا وبين الاسرائيليين هو ان، ولانهم جبناء ويقاتلون من وراء الجدران، غدرونا. اما رجال المقاومة ولانهم لا يهابون الموت، جاؤوهم من الامام. الفارق الثاني هو ان الاسرائيلي لم يجرؤ على تبني العملية، والمقاومة الاسلامية تبنت في بيان رقم 1 العملية مباشرة بعد حصولها. وكنتيجة، لم يحصدوا الا الخيبة والندامة، ونحن كان لنا النصر».

 

 


وتابع «من الواجب ان اتوجه بالتحية الى مجاهدي المقاومة وقياداتهم الذين عملوا منذ الاغتيال بكل دقة، وأخص المجاهدين البواسل الذين نفذوا العملية النوعية في قلب العدو في شبعا وأقبّل أيديهم وجباههم».

 

 


وقال نصرالله «أولا، اكتشف الاسرائيليون الآن، وهم في زمن انتخابات، ان تقدير قيادتهم السياسية والامنية والعسكرية كان احمقا وخاطئا، وانها وضعتهم على حافة المخاطر الكبرى التي كانت ستلحق بهم وبكيانهم وباقتصادهم، نتيجة الحماقة التي ارتكبتها في القنيطرة. ثانيا، الجيش الاسرائيلي واجهزته عاجزة عن مواجهة ارادة المقاومة وفعلها الميداني. هذه اسرائيل التي هزمناها في الـ2000 والـ2006 وفي غزة وهي اوهن من بيت العنكبوت. ثالثا: المقاومة في لبنان في كامل عافيتها وجهوزيتها وحضورها. رابعا: الجماعات التكفيرية المسلحة خصوصا الموجودة في الجولان، حليف طبيعي للعدو الاسرائيلي وجيش لحد سوري جديد، وان رفع راية الاسلام».

 

 


وأشار نصرالله الى «انني أؤكد على كل كلمة قلتها عن الصراع مع اسرائيل، وأقول بعد القنيطرة وشبعا، جربتونا، فلا تجربونا مجددا. والاهم، ان على الاسرائيلي ان يفهم جيدا ان هذه المقاومة ليست مردوعة، هي حكيمة وشجاعة وقادرة. اذا كان العدو يحسب حسابه، ويظن ان المقاومة مردوعة وتخشى الحرب، أقول له اليوم، ليأخذ علما، نحن لا نخاف الحرب ولا نخشاها ولا نتردد في مواجهتها، وسنواجهها اذا فرضت علينا، وسننتصر. فلا يخطئن الحساب. وللاصدقاء اقول، هناك فرق بين من يريد الحرب ونحن لا نريدها، فهذه بلادنا، لكننا لا نخشاها. ونتصرف بمسؤولية لاننا لا نريد ان نذهب الى حرب لكننا لا نخشاها. نحن رجالها ومجاهدوها وصناع نصرها».

 

 


وشدد على ان «بعد عملية القنيطرة والرد في شبعا، نحن في المقاومة لم تعد تعنينا قواعد الاشتباك ولا نعترف بها، ولم نعد نعترف بتفكيك الساحات والميادين ومن حقنا الشرعي والاخلاقي والقانوني والقانون الدولي، ان نواجه العدوان ايا كان، وفي اي زمان وكيف ما كان. سمعنا الاسرائيلي يقول انه اكتفى بهذا الرد ومن يقف خلف الهجوم سيدفع الثمن، قد يكون كلاما في السياسة عندما هدد سوريا وايران والحكومة اللبنانية، لكن هو يهرب من المواجهة العسكرية وذهب ليبحث عمن ذلوه في شبعا. نحن في الماضي كنا نميز، كنا نتعاطى مع العمل العسكري على انه يستحق الرد، اما الاغتيال الامني فكنا نتريث في الرد عليه. لكن من الآن فصاعدا، أي كادر من كوادر حزب الله او شبابه، يقتل، سنحمل مسؤوليته الى اسرائيل وسنعتبر ان من حقنا ان نرد في اي مكان وزمان. والحرب سجال»...

 

 


وختم نصرالله «بعض المحللين قال ان ما حصل في شبعا كان اكبر من ثأر وأصغر من حرب، وهذا توصيف دقيق. شهداؤنا يرسمون لنا الطريق. صنعنا النصر وسنصنعه مجددا».