في موازاة الحرب التي تشن ضد تنظيم داعش واخواته في العالم تحت عنوان " الحرب على الارهاب"،  نشهد أحياناً في الواقع العربي والإسلامي ما يمكن تسميته "الارهاب الفكري" وذلك من خلال شن حملات اعلامية وفكرية وسياسية وأحياناً  تصل الى حد توجيه التهديدات الامنية والتهديد بالقتل وتشويه الصورة لكل من يعلن موقفا فكرياً أو رأيا فقهياً أو اجتهاداً جديداً يخالف المشهور او المتعارف عليه بشكل عام ، وتصل الأمور أحياناً إلى درجة أن مجرد أن يطرح عالماً أو مفكراً أو إعلامياً أو مثقفاً أو ناشطاً فكرة للنقاش والتفكير فيتم رميه بالتهم والإدانات .

وبغض النظر عن الموقف والرأي من أية فكرة أو طرح إعلامي أو ثقافي أو سياسي فإنّه لا يصح أن يقابل ذلك بالسباب أو الشتائم أو الإدانات لأنّه من حق كل انسان أن يقول وجهة نظره أو موقفه من أيّ موضوع فكري أو ثقافي أو سياسي وبالمقابل يمكن أن يرد عليه بالرأي الاخر أو توضيح وجهة النظر.

ونحن تعلمنا من القرآن الكريم أن الله عز وجل تحاور مع الشيطان أو ابليس وأتاح له أن يعرض رأيه وأن يقوم بما يريد لأنه بعد ذلك سيكون الحساب ، كما أتاح الله للناس جميعاً أن يختاروا بين الإيمان والكفر ومن ثم يحاسبهم على أعمالهم وخياراتهم .

ولم يفرض الله على الناس ديناً معيناً أو فكراً معيناً وأشار القرآن الكريم إلى أهمية التعددية والتنوع في العالم ، وأما على صعيد الفكر الديني والاراء الفقهية فنحن امام عدد كبير من الفقهاء والعلماء والمراجع والمفكرين والمجتهدين ولكل رأيه واجتهاده وفكره ولا يستطيع احد ان يقول ان ما توصل اليه هو الدين الحق او الرأي النهائي والحاسم ، بل ان كل فقيه ومجتهد ينهي كتابه الفقهي او مقاله او فتاوه بالقول : والله اعلم.

اذن نحن امام تجربة واسعة من التنوع الديني والفكري والفقهي والسياسي والبشري ، ولذا من حق كل عالم او فقيه او مفكر او ناشط او سياسي ان يطرح اراءه وافكاره وكلها تكون قابلة للنقاش والتفكير ولا يحق لاي احد ان يقوم بارهاب فكري ضد احد ومن لديه رأي او فكرة او اجتهاد فليطرحه للنقاش والحوار وليقدم الادلة والناس تختار ما تريد والله وحده هو من يحاسب الناس في الدنايا والاخرة.