أثارت حلقة للنشر التي أطلّ بها الشيخ عباس حايك عبر قناة الجديد جدلاً واسعاً ، حيث أنّ الشيخ عباس أعلن عن نظريته فيما يتعلق بمشاركة المحجبات بمسابقات الجمال ، معتبراً أنّ لا فتوى شرعية تمنع هذه المشاركة ، مقارباً مع دولة إيران ومع مشاركة المحجبات بها بنشاطات عدة .

 هذا وأشار الشيخ عباس الحايك في ختام إطلالته إلى اجتهاد الأزهر والذي يقول استناداً لتفسير معمّق وحديص للنصوص الدينية أنّ الحجاب عادة وعرف اجتماعي وليس فريضة .

نظرية الشيخ عباس لم تتعرض للحجاب ، أو تتبنى فكرة الأزهر الشريف الذي ناقش سالفاً أطروحة دكتوراه في هذا الشأن ، والتي تطرقت إلى حجاب المرأة على أنه "موضة" تحوّلت لشريعة وأساس إسلامي ، فهذا التفسير الحديث للفقه والذي تم تبريره بنصوص قرآنية مفسّرة ، هو ما طرحه الشيخ الحايك خلال إطلالته كطرح لا كرأي ديني خاص به ، في حلقة مناقشة المحجبات في مسابقات الجمال .

ودون الخوض في الحجاب وفي أصله الديني وهو ما يشكل حالياً مسألة خلافية بين المعروف اجتماعياً والمتداول وبين الاجتهاد الحديث الذي ناقشه الأزهر بأطروحة الشيخ مصطفى محمد راشد ، سنتوقف عند ردود الفعل والتي لم تفقه من إطلالة الشيخ شيئاً سوى إشارته لطرح الأزهر هذا الطرح الذي لم يأخذ به ولم يقم بتبني مضامينه .

 

ولنضع موضوع الحجاب جانباً والذي حوسب به الشيخ حايك على رأي لم يصرحه ، تاركين لأهل الفقه أن يتخذوا موضع الحكم في هذا الأمر من الأزهر ، ولنتوجه لقافلة المنتقدين الالكترونيين والذين لم يعلموا عن الدين إلا قليله ولم يسمعوا من كلام الشيخ إلا ما يرضي البغضاء بهم و أثقلوا ألسنتهم السامة ضد الشيخ الحايك وضد عمامته وخلفيته الدينية ، دون وعي لكلامه ولأقلامه .

 من هؤلاء من سخر من العمامة موصفاً اياها "النونية" ، حاسباً بذلك أنه يحقّر الشيخ ويحمي "الحجاب" .

من اتجه إلى هذا التوصيف أهان الإسلام ككل والعمامة والتي هي رمز ديني ، فيما الشيخ عباس لم يهن الحجاب مثقال الذرة  ، وإنما ناقش فكرياً مسألة مشاركة المحجبات ، وذكر مجرد الذكر "الأزهر" والذي نظريته (أي الأزهر) موجودة ومطروحة وليست مستجدة أو مختلقة بلحظتها .

وهناك من انتقد الشيخ عباس واصفاً اياه بأنه "منتحل ... مقرف " ، وآخر اعتبره "َضال مضلل" ، وغير ذلك من الألفاظ النابية وغير اللائقة التي مستّ الكرامة الشخصية .

لهؤلاء ، أقول ، لو كنتم تملكون الفكر والمنطق والعقلانية التي يتسم بها الشيخ عباس الحايك لفقهتم أقواله ولأستدللتم أنّه لم يقل أن الحجاب "عادة " و لناقشتموه علماً فيما يختص بإطلالة المحجبة بمسابقة الجمال، ولرردتم عليه بالأدلة والبراهين وبالمسائل الدينية والفقهية ، غير أنّ اسلوبكم الهابط والنابي هو دليل على فراغ جعبتكم وعن عجزكم عن معرفة النظرية التي تم التصريح عنها وعن مناقشتها .

 

مع الإشارة إلى أن رؤيتي الشخصية لمشاركة المحجبات تتعارض مع نظرية الشيخ عباس حايك فهو أمر بالنسبة لي مرفوضاً (كمحجبة) ، إلا أني في المقابل أحترم رؤيته لهذه المسألة والتي لم تأتِ من فراغ ، فالدين الإسلامي بشكل عام هو دين اجتهاد وحوار وليس ديناً بلاستيكياً .