يأتي لقاء فلادمير بوتين مع مرشد الثورة الإيرانية اليوم بالسياق الطبيعي لمجريات الأمور، بالرغم من تضارب المصالح  بين بلديهما، وبالرغم من الإمتعاض الإيراني الواضح من تهميش دورها والتقليل من فاعليتها بعد استيلاء الروسي على دفة القيادة هناك ، ليأتي هذا اللقاء كتعويض معنوي تحرص روسيا على تقديمه لكل الأطراف الفاعلة بالملف السوري  .

من أجل ضمان نجاح الدور التي ترغب أن تلعبه وتحاول منذ مدة أن تظهر بأنّها تمثل الدولة الوسيطة التي تستطيع أن تتواصل مع كل الأطراف ، والضامنة الأولى لمصالح الجميع على أمل التوصل إلى تسوية سريعة تمسك هي وحدها بخيوط تفاصيله وبإعتراف ومباركة من الجميع،

لذا فمن غير المستبعد أن نسمع عن الكرملين خبر زيارة سوف يقوم بها بوتين إلى المملكة السعودية  في القادم من الأيام . 

المهم هنا هو معرفة ما سينتج عن هذا اللقاء ، ومن هو الطرف الأكثر تضرراً منه، لما يشكل الطرفان من حضور عسكري فاعل ممسك بشكل كبير بمجريات الميدان بالخصوص بعد التدخل الروسي المباشر .

من المفروض بحسب الظاهر أن يكون الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش هو الفريق الأكثر رعباً من هذا اللقاء، إلاّ أنّ المعطيات الحقيقية تقول عكس ذلك تماماً ، فلا الغارات الروسية وطائرات السوخوي وطلعاتها التي بلغت حوالي 3000 قد ساهمت باضعاف هذا التنظيم ولا تواجد الحرس الثوري وجنرالاته منذ ما قبل ولادة هذا التنظيم قد ساهم في إضعافه بل على العكس تماماً .

فالوقائع كلها توشي بأنّ النسبة الكبرى من غارات السوخوي انما تستهدف الجيش السوري الحر، وبعض المدارس والمصانع والأحياء المدنية والأسواق الشعبية  ولم نسمع أيّ خبر عن استهداف أحد من قياديي التنظيم الإرهابي تماماً كما كانت تستهدف طائرات النظام ببراميلها طيلة المدة الماضية .

وكذلك هو حال مقاتلي الحرس الثوري، الإيرانيين منهم أو اللبنانيين ( حزب الله )، الذين لم يقاتلوا داعش يوماً واحداً كما يزعمون .

وأمام هذه المعطيات فإنّ من السهولة بمكان احصاء أعداد القتلى والضحايا من مدنيي الشعب السوري، يضاف إليهم أعداداَ ضخمة من الجرحى والمصابين ، فضلاً عن المهجرين من بيوتهم وأحيائهم المهدمة ، هذا كله تحت مسمى محاربة الإرهاب والقضاء على داعش وحماية السوريين ، لتكون النتيجة الواضحة والتي لا يختلف عليها اثنين، بأنّ تنظيم داعش المجرم إنّما قتل من المدنيين السوريين عدداً أقل بما لا يقاس من عدد المدنيين المقتولين من الأطراف الذين يدّعون حمايتهم والزود عنهم بالخصوص منهم روسيا وإيران الداعمان الأساسيان لنظام البعث وبراميله  .

وعليه فإنّ المتضرر الأول والأخير من لقاء طهران هو الشعب السوري المسكين، بالخصوص إذا ما تمخض عن هذا اللقاء قرار يفضي إلى المزيد من الإصرار على محاربة داعش .