لقد شكلت التحركات المطلبية  الاخيرة  نقطة تحول في تاريخ الشعب اللبناني، وأكدت الحشود التي ظهرت يوم السبت الماضي وسط بيروت حضورها وفعاليتها بعد سنوات من الإنكفاء بسبب الإعتبارات السياسية والحزبية التي تطبع الحياة السياسية في لبنان، إلا أن التدهور الحاصل في إدارات الدولة ومؤسساتها السياسية والاجتماعية والخدماتية فرض معادلة جديدة في الشارع اللبناني من شأنها أن تؤسس لمرحلة جديدة في السياسة اللبنانية، مرحلة بعيدة عن التلوث السياسي وبعيدة عن السياسيين وطائفيتهم القذرة.
إن هذا التحرك وبغض النظر عن عناوينه التي تصب جميعها في إطار الإصلاح ومعالجة الفساد المستشري في البلد، تبعته حملة سياسية وإعلامية مضادة ساقت إليه الإتهامات على مختلف انواعها، تلك الإتهامات الجاهزة في قاموس السياسيين اللبنانية في خطوة يهرب فيها السياسي اللبناني إلى الأمام، ومن أبشع هذه الإتهامات ما حاولت بعض الأجزة الحزبية المعروفة تعميمه وهو أن هذه التحركات مرتبطة بالسفارات وأجهزتها الأمنية، في محاولة مكشوفة لمصادرة هذه التحركات والحد من نتائجها وتعبئة الرأي العام ضدها، في حين أن هذه التظاهرات بدأت عفوية واستقطبت فيما بعد هذا العدد الكبير الذي شاهدنا في وسط بيروت لأنها حركة لامست وجع الناس ومطالبهم وقضاياهم وزرعت الأمل في نفوس كثير من اللبنانيين الذين يأسوا من الحزبية السياسية ويأسوا الطائفية البغيضة ويأسوا من الصفقات المشبوهة للسياسيين اللبنانيين .
 إن الإتهامات المفبركة التي سيقت لهذا التحرك هي محاولة لذر الرماد في العيون ومحاولة بائسة لمصادرة هذا التحرك والحد من تداعياته التي لامست جذور الفساد السياسي والاجتماعي في البلاد.
إن هذه الإتهامات فيما لو حصلت ينبغى أن لا تؤثر على هذا التحرك لا من قريب ولا من بعيد، وومن المفترض أن تخضع هذه التحركات لأساليب الترهيب والإبتزاز التي لجأ إليها بعض الأحزاب اللبنانية وبعض السياسيين اللبنانيين، خصوصا وأن التأييد الشعبي الذي حصلت عليه هذه التحركات يعتبر سابقة في تاريخ السياسة اللبنانية . إن اهتمام السفارات الأجنبية بهذا التحرك ودعمها لأي مبادرة إنقاذية شعبية لحالة الإنهيار التي تعيشها البلاد يسجل نقطة إيجابية لصالح هذه السفارات ينبغي أن تشكر عليها،  وإنه ليس من المعيب بحق هذا التحرك حصوله على  دعم أي سفارة،خصوصا وأن هذا الدعم معروف الاهداف والعناوين التي تصب كلها في خدمة هذا التحرك الذي قام على اساس محاربة الفساد والإصلاح السياسي وكلها عناوين تصب في خدمة الشعب اللبناني.