من نافلة القول أنّ حزب الله يملك فائضاً من القوة ما يؤهله الإمساك بمعظم مفاصل اللعبة السياسية في البلد ، فمن يستطيع اجتياح بيروت في السابع من أيار الذي انتهى بإتفاق الدوحة يستطيع اليوم إدخال البلد في الفراغ الشامل لينتهي الأمر بمؤتمر تأسيسي أو أي اتفاق آخر يعيد رسم الخريطة السياسية بعد إعادة النظر في دستور الطائف ، حيث يضطر الزعماء في لبنان للقبول بعقده تحت ضغط الخوف من الإنهيار الكامل .

ويتم في هذا المؤتمر الإتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وعلى قانون للإنتخابات النيابية وعلى حكومة بما يحقق لحزب الله من مكاسب ترضي تطلعاته وطموحاته التي لا تنتهي بأقل من الإطباق على البلد بما يتناسب مع متطلبات المرحلة والدور الجديد لإيران في المنطقة على ضوء الإتفاق النووي .

وفي معلومات أوساط سياسية فإنّ حزب الله بدأ بعملية تنفيذ إحداث فراغ شامل في لبنان على مراحل .

فكانت المرحلة الأولى منها تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وامتناع قوى الثامن من آذار عن الإعلان عن مرشحها للرئاسة منافساً لمرشح قوى الرابع عشر من آذار بل الإكتفاء بترشيح العماد ميشال عون شفهياً لا رسمياً لتبرير ارتكاب جريمة هذا التعطيل .

وإذا كان قد تمّ التوصل إلى تشكيل حكومة تسوية بعد أزمة دامت ما يقارب ال 11 شهراً فلأن  في استطاعة حزب الله ومن معه تفجيرها من الداخل ساعة يشاء أو العمل على استفزاز الرئيس سلام بحيث يفقد أعصابه ويستقيل ، فيحمله الحزب ومعه فريق الثامن من آذار مسؤولية دفع البلاد نحو فراغ يريده الحزب نفسه تنفيذاً للمرحلة الثانية من الخطة وصولاً إلى عقد مؤتمر قد يكون إسمه تأسيسي أو أي مسمى آخر يتم خلاله وضع قواعد جديدة للصيغة الميثاقية ولصيغة العيش المشترك.

وفي ظلّ المرحلة الصعبة والخطيرة التي يمر بها لبنان وسط عاصفة تضرب دول المنطقة وتتطلب الصمود في مواجهتها كان الأولى بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن يحذر من عواقب استمرار الشغور الرئاسي وليس من عواقب استقالة الحكومة ، لأن الحكومة هي نتيجة استمرار هذا الشغور غير المسبوق في لبنان .

كما أنّ تولي الحكومة صلاحيات الرئيس بالوكالة مدة غير مسبوقة أيضاً هو الذي جعل لبنان يعيش وضعاً شاذاً ومأزوماً لا خروج منه إلا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل أيّ أمر آخر وذلك تطبيقاً لأحكام الدستور.

وإذا كان رئيس الحكومة تمام سلام قد تحمل ولا يزال مسؤولية حماية الوطن كونه يقوم مع حكومته مقام رئيس الجمهورية بالوكالة ، فإنه اليوم مدعو وأكثر من أيّ يوم مضى لأن يصمد ومن معه في مواجهة من يريدون إدخال البلاد في الفراغ الشامل ويسعون لتوريط غيرهم بهذه المهمة اللاوطنية وذلك بالعمل على استفزازه وإثارة أعصابه ودفعه للإستقالة على قاعدة احراجه لاخراجه.

فعند صراع الأمم فإنّ المطلوب هو التفكير جدياً بحفظ رأس البلاد قبل أن يفكر المسؤول في حفظ رأسه .