قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ، خلال فيديو نشر له على الإنترنت، إنّ على الطرف الآخر أن يختار بين اثنين : التوافق، أم تداوم الضغوط ، مضيفاً بأنّ الحصول على التوافق يحتاج إلى التحلي بالشجاعة للمصالحة والثقة بالذات ، للمرونة ، والنضج لإتخاذ القرارات المنطقية ، العقلانية لمغادرة الأوهام، والجسارة لتجاوز العادات القديمة .

وبهذا الكلام الحكيم، إختصر ظريف جميع ما يمكن قوله ، ولكنه ليس موجهاً للطرف الآخر فحسب بل إنه موجه إلى الطرفين .

وهو يرى بأنّ إيران قدمت تنازلات نوعية ، والحصول على التوافق الآن لا يحتاج إلا إلى إرادة سياسية فحسب، وليس له صلة بالتفاصيل الفنية .

فبعد زيارة أمين عام المنظمة الدولية للطاقة الذرية يوكي أمانو التي رافقها النجاح فيما يتعلق بتفاصيل التفتيش والتحقق من المواقع النووية الإيرانية ، يأمل الإيرانيون أن تكون إجراءاتهم وخاصة تطميناتهم الأخيرة ليوكي أمانو ، مرضية للطرف الآخر .

 

أضاف ظريف إنّه وجد ملامح من غلبة العقلانية على الأوهام عند الطرف الآخر مشيراً إلى أنّ رهان الطرف الآخر على العقوبات ومفعولها على الشعب الإيراني رهان خاسر، حيث أنّ حرب الأعوام الثمانية العراقية الإيرانية ، لم تتمكن من إخضاع الشعب الإيراني، فكيف العقوبات التي يمكن تدويرها .

وقلّل ظريف من خطر البرنامج النووي الإيراني ، ملفتاً الطرف الآخر إلى خطر الإرهاب والتطرف الذي يراه الأول في سلم الأولويات .

وختم ظريف رسالته ببيت من الشاعر الإيراني الكبير فردوسي الذي قال قبل ألف عام : إبذلوا جهودكم من أجل الخير وعندما رأيتم البرد ، فطوروا الربيع .

 

يبدو أنّ الطرفين وصلا إلى نقطة لا يمكنهما الرجوع بعدها إلى الماضي ولا التراجع عن المطالبات الأساسية، وخلال اليومين القادمين، سيصل الطرفان إلى صيغة مرضية للتوافق، بعد تطمين إيران عن قضية التفتيش .  

والغرب يعرف بأنّ التسلل نحو التخصيب العسكري، مستحيل في ظلّ التفتيش الصارم الذي تقوم به المنظمة الدولية للطاقة الذرية، وليس هناك من بلد قد أنتج القنبلة الذرية تحت التفتيش الدولي .

وكشاهد على ذلك ، لم تتمكن كوريا الشمالية من إنتاج القنبلة الذرية، إلاّ بعد ثلاث سنوات من طردها المفتشين الدوليين من أراضيها .

والآن يبدو أنّ العقل الدولي على المحك، فإنّ المجتمع الدولي، ممثلاً بالدول الست زائد واحد ،  لديه النموذج الكوري الشمالي، ولديه النموذج الإيراني الذي هو مشروع للتحول إلى النموذج الكوري، حيث أنّ فشل المفاوضات، لن يجعل إيران في موقع المتفرج المطيع، بل ربما يجعلها بإنتهاج طريق كوريا الشمالية في أسوء الأحوال .

ولا شك في أنّ طرد المفتشين الدوليين ورفض المراقبة الدولية سيكون أول ما تقوم به إيران بعد فشل المفاوضات مما يفسح المجال أمام الخيال .

إنّ المجتمع الدولي عجز عن كبح جموح كوريا الشمالية، ولم يتمكن من جرّها الى حيث جرّ إيران، أي إلى طاولة المفاوضات .

 فهل سوف يدفع المجتمع الدولي إيران بإتجاه أنشطة نووية لا يحمد عقباها للسلم العالمي على غرار كوريا الشمالية، بحال رفضه التوافق معها؟

 

يشتغل الآن مساعدو وزراء الخارجية لإعداد مسودة القرار الجديد الأممي برفع العقوبات ، أو بإلغاء القرار 1929 الأممي القاضي بفرض العقوبات على إيران .

ومن المتوقع أن يصدر هذا القرار بعد 3 أو 4 أيام من إعلان التوافق ، وفي نفس الوقت يتم إيداع نسخة من الإتفاقية عند الكونغرس من قبل حكومة الرئيس أوباما ، وسيكون لدى الكونغرس 30 يوماً للنقاش على متن التوافق .

وبحال رُفض الإتفاق من قبل الكونغرس، من المحتمل جداً أن يستخدم الرئيس أوباما، حق الفيتو، للمصادقة على الإتفاقية .

وبحال إصدار قرار أممي جديد بإلغاء القرار 1929 كما يتوقعه الإيرانيون ، ستسجل سابقة في رفع قرار أممي فرض العقوبات، عبر المفاوضة والتسوية وليس بعد الحرب.

فهل يتمكن الإيرانيون من تسجيل هذا اللقب بإسمهم؟

التفاؤل بحصول التوافق في إيران وصل ذروته عند المؤشرات المالية والاقتصادية ، صباح اليوم السبت، خاصة عند بورصة طهران، التي شهدت إرتفاعاً غير مسبوق منذ ثلاثة أشهر .