رحلة الحوارات التي إنطلقت في لبنان منذ عدة أشهر أنّ لجهة اللقاءات بين حزب الله وتيار المستقبل أو لجهة التفاهمات بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية ، فإنّها حتى اليوم لم تستطع أن تسبر أغوار البحث في الملفات الخلافية .

وحتى أنّه هناك تفاهم على عدم مقاربة هذه الملفات خلال جلسات الحوار .

فهذه الحوارات المستمرة لا تعدو كونها لقاءات ترطيب أجواء تحقيقاً لتهدئة لا بد منها في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها البلد ولجعله قادراً على إحتواء تداعيات ما يجري في المنطقة وإطفاء نارها كلما إقتربت منه أو إمتدت إليه وقد نجحت في ذلك .

وهذا يساعد على بثّ روح الطمأنينة والارتياح بين اللبنانيين .

وبالتالي فإنّ إزالة التوتر وتخفيف حدة الإحتقان بين أفرقاء الصراع في لبنان يساعد الأجهزة الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي على حفظ الأمن والإستقرار ولو في الحدود الدنيا ، وقد لا يكون المطلوب أكثر من ذلك بإنتظار جلاء صورة الوضع المثير للقلق في المنطقة ، وخصوصاً الوضع السوري لما له من تأثير مباشر على الداخل اللبناني .

فهوة الخلاف واسعة بين فريقي الصراع في البلد وهذا الخلاف يتمحور حول المواقف والخيارات لكل فريق من الفريقين .

فالتيار الوطني الحر وإن توصل مع القوات اللبنانية إلى إعلان النوايا إلا أنه يختلف معها حول العديد من الأمور المصيرية .

فالتيار العوني مع الخط السياسي الإيراني ومع سلاح حزب الله ومع التدخل العسكري للحزب في سوريا إلى جانب النظام السوري ضد معارضيه ، في حين أنّ القوات اللبنانية ليست مع التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية اللبنانية وليست مع سلاح حزب الله وكذلك فهي ضد تدخل الحزب في الحرب السورية بمقتضى الالتزام بسياسة النأي بالنفس وهي مع الشرعية اللبنانية على أن تمسك الأجهزة الأمنية اللبنانية بمفاصل الأمن في البلد .

وكذلك فإنّه ما بين حزب الله وتيار المستقبل لا يختلف كثيراً عمّا بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ، لذلك من الصعب الإتفاق بينهما على هدف واحد وخيار واحد .

وعليه فليس بإمكان الأطراف اللبنانية المتصارعة والمتناكفة أن تتوصل إلى تحقيق وحدة الصف ووحدة الهدف لأنها ليست حرة في خياراتها نظراً لإرتباطاتها الخارجية التي تحدد لها موقعها في التوازنات الداخلية ودورها في الصراعات الإقليمية .

وهذا يعني أنّ كل فريق مصر على البقاء في موقعه ومستمر على موقفه ولكن من دون أن يشكل هذا الإختلاف في المواقع والمواقف خلافاً يصل إلى درجة التصادم .

لذا فالوضع اللبناني ليس مرشحاً للخروج من عنق الزجاجة قبل أن تنجلي الأمور في المنطقة وقبل أن تنتهي الحروب في دول الجوار ومعرفة نوع الحلول التي ستنهيها بمقتضى ما قد يتم الاتفاق عليه بين إيران والدول الغربية حول الملف النووي الإيراني .