احتلت «داعش»، على طريقتها، مدينة الرمادي وبهاء تدمر. وفي شرح ذلك، بلغتها، أنها أصبحت على بعد ساعة من بغداد، وأخرى من الغوطة. ومن الآن إلى أن «يدرس» باراك أوباما استراتيجيّته الجديدة، فإن خريطة المنطقة قد تغيرت ولم تعد فقط قيد التغيير. وكردستان التي كانت تُتهم بالإعداد للانفصال، أصبحت مأوى لمئات الآلاف من العراقيين، تسأل من يقف وراءها. ولا يزال أوباما يعيد النظر في استراتيجيته. وهناك جبهة، لا نعرف إذا كان قد لحظ وجودها، تمتد من جرود عرسال في لبنان إلى مرسى سفن «المساعدات الإنسانية» الإيرانية في جيبوتي. ما يجري على مدن سوريا ومدن العراق والآن في حملة الحوثيين على اليمن، هو حرب لا بد أن ثمة من يخوضها. حرب لها من يموِّلها ومن يخطط لها ومن يخوضها، والآن من يخسرها.
وسوف تكون الكارثة في تقاسم الفوز. أي في أن تأخذ «داعش» الجزء الأكبر من سوريا والعراق، ويبقى الباقي بلا دولة أو جيش رابع أو فرقة رابعة. ويقتضي المنطق أن تتأمل إيران جيدًا نتائج حروبها وتسعى إلى حل سياسي قبل أن تحترق جميع أحلامها، ومعها ما تبقى قائمًا من سوريا والعراق.
لقد تغيرت «وقائع الأرض» على نحو لم يعد يحتمل أي مكابرة. التلفزيونات لم تعد قادرة على تغطية المتغيرات الهائلة التي لها أسماء كانت في الماضي تعني شيئًا، وأصبحت تعني شيئًا آخر. كالموصل والرمادي وإدلب، وتلك المدن التي تغير عمقها وملامحها وصلاتها بالدول الأم والأنظمة القائمة. كما يدعو المنطق ليس أن يعيد أوباما النظر في استراتيجيته حيال محاربة «داعش» إلى جانب إيران، بل أن يقر بأن استراتيجية الفريقين باءت بالفشل، وإنها بُنيت في الأساس على خطأ. وإذا كان ما قاله حيدر العبادي صحيحًا عن 50 ألف عسكري وهمي في جيش المالكي، فيجب ألا ننسى أن المالكي كان الاختيار الذهبي الذي اتخذه أوباما.
ما بين استراتيجية وأخرى يتسع حجم الكارثة والخراب في المنطقة. وربما كان على روسيا وإيران أن تشرحا، لحلفائهما أولاً، ماذا جرى للخبرة العسكرية التي تقدمانها في العراق وسوريا. إن احتلال «داعش» للرمادي وتدمر هزيمة معلنة لحلف «الممانعة»، وتغير خطير في اتجاه الحرب الإقليمية الكبرى. وليس من مصلحة أحد أن تستمر، ولا أن تدفع شعوب المنطقة ثمن مكابرة لم يعد لها أي معنى.   بقلم: سمير عطا الله