شدد الرئيس الأميركي باراك أوباما عشية انعقاد قمة تاريخية خليجية - أميركية في كامب ديفيد، على استعداد بلاده لـ«استخدام كل عناصر القوة» لحماية أمن دول الخليج العربية من التهديدات، ضمن حماية مصالح واشنطن في الشرق الأوسط. وأكد الرئيس أوباما أن لدى تلك الدول الحق في القلق من إيران «الراعية للإرهاب».

وقبل أن يستقبل الرئيس أوباما مسؤولي مجلس التعاون الخليجي في لقاء عمل مساء اليوم في البيت الأبيض وغدا في «كامب ديفيد»، حرص على توضيح رؤيته حول العلاقات الاستراتيجية وأمن منطقة الخليج والشرق الأوسط، من خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، هو الأول للرئيس الأميركي مع صحيفة عربية.

وقال الرئيس أوباما عن قمة كامب ديفيد، إن «اجتماعنا ينبع من مصلحتنا المشتركة في منطقة خليج يعمها السلام والرفاهية والأمن». وأضاف: «الولايات المتحدة على استعداد لاستخدام كل عناصر القوة المتاحة لنا من أجل تأمين مصالح» بلاده في المنطقة، موضحا: «يجب ألا يكون هنالك أي شك حول التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة والتزامنا بشركائنا في دول مجلس التعاون الخليجي».

وبينما تدخل المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي مرحلة حاسمة، قال الرئيس الأميركي إن اجتماعاته مع المسؤولين الخليجيين اليوم وغدا «فرصة للتأكيد على أن دولنا تعمل معا بشكل وثيق من أجل مواجهة تصرفات إيران التي تسفر عن زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، بما في ذلك دعم إيران للجماعات الإرهابية». وأكد أن «إيران منخرطة في تصرفات خطيرة ومزعزعة لاستقرار دول مختلفة في أنحاء المنطقة. إيران دولة راعية للإرهاب، وهي تساهم في مساندة نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد في سوريا، وتدعم حزب الله في لبنان، وحماس في قطاع غزة. وهي تساعد المتمردين الحوثيين في اليمن. ولذلك، فإن دول المنطقة على حق في قلقها العميق من أنشطة إيران». وأوضح: «حتى ونحن نسعى إلى اتفاق نووي مع إيران، فإن الولايات المتحدة تبقى يقظة ضد تصرفات إيران المتهورة الأخرى».

وتطرق الرئيس الأميركي إلى كل الملفات الرئيسية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، بما فيها سوريا؛ إذ قال إن الرئيس السوري بشار الأسد «فقد كل شرعيته منذ فترة طويلة» وإنه لا بد في النهاية أن يكون هناك انتقال سياسي.

وعن العراق، عبر الرئيس الأميركي عن ثقته في هزيمة تنظيم «داعش»، إلا أنه شدد على أن المشكلة هناك ليست عسكرية فحسب؛ ولكنها «سياسية أيضا».

وكرر أوباما التزامه بعملية السلام في الشرق الأوسط، مؤكدا: «لن أيأس أبدا من أمل تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين». وأضاف أن «الفلسطينيين يستحقون نهاية للاحتلال والإذلال اليومي الذي يصاحبه».





نص الحوار:



عشية استقبال الرئيس الأميركي باراك أوباما مسؤولي دول مجلس التعاون الخليجي في قمة خليجية - أميركية تاريخية، حرص الرئيس الأميركي على توضيح رؤيته حول العلاقات الاستراتيجية وأمن المنطقة من خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، هو الأول للرئيس الأميركي مع صحيفة عربية منذ وصوله إلى البيت الأبيض. ومنذ توجه الرئيس أوباما إلى العام العربي بخطابه الشهير في القاهرة في يونيو (حزيران) 2009 والذي حمل عنوان «بداية جديدة»، وتطلعاته للسلام في المنطقة، مرت المنطقة باضطرابات خلال السنوات الست الماضية جعلت كثيرين يتساءلون عن موقف الإدارة الأميركية تجاه العالم العربي. وخلال الحوار، أكد الرئيس أوباما على التزامه بمبادئ دعم «الحرية والكرامة». وشدد على أن مصالح بلاده مرتبطة مباشرة مع «منطقة خليج يعمها السلام والرفاهية والأمن»، مقرا في الوقت نفسه بأن دول المنطقة «محقة» في قلقها من تصرفات طهران التي تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة. ومن هنا يشرح الرئيس الأميركي إصراره على السعي وراء اتفاق يمنع طهران من الحصول على سلاح نووي، قائلا إن إيران تتورط بالفعل في تلك الأنشطة من دون ترسانة نووية، و»يمكننا أن نتصور كيف يمكن أن تصبح إيران أكثر استفزازا إذا كانت تمتلك سلاحا نوويا». وهذه الرؤية سيقدمها أوباما إلى حلفائه الخليجيين خلال اجتماعات مساء اليوم في البيت الأبيض وغدا في منتجع كامب ديفيد. وكرر أوباما التزامه بحل سياسي في سوريا والعراق، مع استخدام كل أساليب القوة لمواجهة «داعش» في البلدين. وبعد أن جعل الرئيس الأميركي عملية السلام في الشرق الاوسط أولوية له خلال ولايته الرئاسية، لم يحقق التقدم الذي كان يطمح له. ومع ذلك، أكد أنه لن ييأس من تحقيق حل الدولتين ووضع «نهاية للاحتلال والإذلال اليومي الذي يصاحبه».

* تجتمعون مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي مساء اليوم في واشنطن، وغدًا في «كامب ديفيد». وبالإضافة إلى كلمات الدعم التي وجهتموها إليهم في اجتماعات سابقة، ما الأعمال والضمانات التي ستلتزم بها الولايات المتحدة أمام حلفائها الخليجيين، وهل تشمل هذه الضمانات مضيقي هرمز وباب المندب؟

- لقد دعوت كبار مسؤولي دول مجلس التعاون الخليجي إلى واشنطن من أجل تعزيز وتقوية شراكتنا الوثيقة، بما في ذلك التعاون الأمني ومناقشة كيفية مواجهة التحديات المشتركة معا. وتشمل المناقشات العمل على حل الصراعات في منطقة الشرق الأوسط التي قضت على حياة أعداد كبيرة من الأبرياء وتسببت في الكثير من المعاناة لشعوب المنطقة. وأشعر بالامتنان بأن كل دول مجلس التعاون الخليجي سوف تكون ممثلة في الاجتماعات، وأتطلع إلى مناقشاتنا في كل من البيت الأبيض وكامب ديفيد.

إن اجتماعنا ينبع من مصلحتنا المشتركة في منطقة خليج يعمها السلام والرفاهية والأمن. وكما قلت في الأمم المتحدة منذ عامين، لدى الولايات المتحدة مصالح جذرية في الشرق الأوسط بما في ذلك مواجهة العدوان الخارجي، وضمان المرور الحر للطاقة والتجارة، وحرية الملاحة في المياه الدولية. وهذه تشمل المرور في مضيقي هرمز وباب المندب، بالإضافة إلى تفكيك شبكات الإرهاب التي تهدد شعوبنا، ومنع تطوير أو استخدام أسلحة الدمار الشامل. وقد أوضحت أن الولايات المتحدة على استعداد لاستخدام كل عناصر القوة المتاحة لنا من أجل تأمين هذه المصالح.

هذه ليست فقط كلمات، فهي مستندة إلى سجل قوي من الأفعال الحقيقية. وعبر ستة عقود، عملت الولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي من أجل تقدم أهدافنا المشتركة. وقد خدم الأميركيون في المنطقة، وضحوا بحياتهم من أجل أمننا المشترك. ويخدم الآلاف من الأفراد العسكريين الأميركيين في منطقة الخليج حاليا من أجل تعزيز الاستقرار الإقليمي. ويجري تدريب قواتنا المسلحة معا في مناورات وتدريبات عسكرية كبيرة ومتعددة سنويا. ولذلك يجب ألا يكون هنالك أي شك حول التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة والتزامنا بشركائنا في دول مجلس التعاون الخليجي.

وآمل أن يعمق اجتماع هذا الأسبوع تعاوننا في الكثير من المجالات. ومعا، لدينا الفرصة لتحسين تنسيقنا الأمني ومساعدة شركائنا في دول مجلس التعاون الخليجي لتقوية قدراتهم الدفاعية مع زيادة تكاملها في عدد من المجالات مثل الدفاع الصاروخي والأمن البحري وأمن الشبكات الإلكترونية وأمن الحدود. ويمكننا تكثيف جهودنا في مكافحة الإرهاب بتركيز على منع تدفق المقاتلين الأجانب وتمويل الإرهاب في مناطق الصراع، وذلك بالإضافة إلى مكافحة الآيديولوجيا الشريرة لـ«داعش». ويمكننا أن نعمل معا من أجل حل النزاعات القائمة – في العراق، وسوريا، واليمن، وليبيا – والتعامل مع التوتر الطائفي السائد الذي يعرقل تقدم المنطقة.

وسوف تتاح لي الفرصة لكي أطلع كبار المسؤولين الخليجيين على آخر تطورات مفاوضاتنا نحو تسوية شاملة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وهو ما أعتقد بقوة أنه الوسيلة المثلى لتعزيز أمن المنطقة، بما في ذلك شركائنا في مجلس التعاون الخليجي. وفي الوقت نفسه، ستكون اجتماعات هذا الأسبوع فرصة للتأكيد على أن دولنا تعمل معا بصفة وثيقة من أجل مواجهة تصرفات إيران التي تسفر عن زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، بما في ذلك دعم إيران للجماعات الإرهابية.

* هناك الكثير من المخاوف حول دور إيران في دول مثل سوريا واليمن، وهي مخاوف تنبع من توجه النظام الإيراني لـ«تصدير الثورة». كيف ترون دور إيران في المنطقة اليوم، وما درجة قناعتك بأن حكام إيران يمكنهم أن يكونوا «لاعبين إيجابيين» في حال التوصل إلى اتفاق نووي؟

- من الواضح أن إيران منخرطة في تصرفات خطيرة ومزعزعة لاستقرار دول مختلفة في أنحاء المنطقة. إيران هي دولة راعية للإرهاب. وهي تساهم في مساندة نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد في سوريا، وتدعم حزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة. وهي تساعد المتمردين الحوثيين في اليمن. ولذلك فإن دول المنطقة على حق في قلقها العميق من أنشطة إيران، وخصوصا دعمها لعملاء بالوكالة يلجأون إلى العنف داخل حدود دول أخرى.

من المهم أن نتذكر أن إيران تتورط بالفعل في هذه الأنشطة من دون ترسانة نووية. ويمكننا أن نتصور كيف يمكن أن تصبح إيران أكثر استفزازا إذا كانت تمتلك سلاحا نوويا. بل سيكون أصعب على المجتمع الدولي مواجهة وردع تصرفات إيران المزعزعة للاستقرار. وهذا هو أحد أسباب الأهمية البالغة للاتفاق الشامل الذي نسعى إليه مع إيران – فبمنع إيران مسلحة نوويا، سوف نزيل أحد أخطر التهديدات لأمن المنطقة.

حتى ونحن نسعى إلى اتفاق نووي مع إيران، فإن الولايات المتحدة تبقى يقظة ضد تصرفات إيران المتهورة الأخرى. وقد حافظنا على وجودنا العسكري القوي في المنطقة وواصلنا مساعدة دول مجلس التعاون الخليجي على بناء قدراتها للدفاع والردع ضد كل أنواع العدوان الخارجي. وواصلنا أيضا تطبيق العقوبات ضد إيران لدعمها الإرهاب وعملها على برنامجها للصواريخ البالستية – وسنطبق هذه العقوبات في المستقبل حتى ولو توصلنا إلى اتفاق نووي مع إيران.

فيما يتعلق بمستقبل إيران، لا يمكنني التكهن بديناميكية الأحداث الداخلية في إيران. فداخل إيران، هناك قادة ومجموعات عّرفت نفسها لعقود على أنها تعارض الولايات المتحدة وشركاءنا الإقليميين. وأنا لا أعتمد على أي اتفاق نووي من أجل تغيير هذا الوضع. ومع ذلك، من الممكن أيضا، إذا استطعنا التعامل مع المسألة النووية بنجاح وتبدأ إيران في تلقي موارد من جراء تخفيف بعض العقوبات النووية، فإن ذلك قد يؤدي إلى استثمارات إضافية في الاقتصاد الإيراني وفرص أكبر للشعب الإيراني، وهذا قد يقوي القادة الأكثر اعتدالا داخل إيران. ويمكن لمزيد من الإيرانيين أن يروا أن التواصل الإيجابي – وليس المواجهة – مع المجتمع الدولي هو المسار الأفضل. وهناك طريقان أمام إيران. أحدهما هو استمرار المواجهة، والطريق الأفضل هو التوجه الأكثر إيجابية نحو المنطقة الذي سيسمح لإيران بأن تكون أكثر اندماجا في المجتمع الدولي. ولكن حتى إذا لم تتغير الديناميكية السياسية داخل إيران، فإن الاتفاق النووي يصبح ضرورة أكبر لأنه يمنع نظاما معاديا لنا من الحصول على سلاح نووي.

* في شهر مايو (أيار) عام 2011 تحدثت عن «تقرير المصير» في العالم العربي وسط تغيير لعدد من الحكومات في المنطقة. كيف ترى هذه التغيرات حاليا، خصوصا في سوريا، حيث استطاعت «داعش» أن تهزم أطيافا عدة من المعارضة الوطنية؟

- ما قلته قبل أربع سنوات يبقى حقيقة اليوم. فقد ساهم انعدام تقرير المصير – أي عدم قدرة المواطنين على اختيار مستقبل بلادهم بوسيلة سلمية – في زيادة حالة الإحباط، والاستياء وعدم إتاحة الفرص الاقتصادية التي أدت إلى وقوع «الربيع العربي». وفي بعض الدول، مثل تونس، حدث تقدم حقيقي مع تقبل مواطنيها لروح التراضي والتعددية التي تحتاجها الأمم من أجل النجاح. وبعكس ذلك، فإن نظام الأسد شن حربا على الشعب السوري وتحطمت الآمال الأولية منذ بداية الصراع في تحقيق التقدم لتحجب بسبب أعمال عنف وتطرف.

وما لم يتغير خلال تلك السنوات الصعبة هو التزام الولايات المتحدة بشعوب المنطقة. وكما قلت في خطابي منذ أربع سنوات «يجب ألا يكون هنالك أي شك في أن الولايات المتحدة ترحب بالتغيير الذي يؤدي إلى تقدم تقرير المصير والفرص». ولهذا نستمر في دعم حق المواطنين في تقرير مصيرهم وفي العيش بكرامة وفي اختيارهم للحكومات الشاملة التعددية وإتاحة الفرص الاقتصادية لهم والإمكانيات لكي يتحكموا بأنفسهم في مستقبلهم. وستستمر الولايات المتحدة في دعم هذه الحقوق العامة في الشرق الأوسط كما نفعل في كل أنحاء العالم.

وسوريا بالطبع تفرض تحديا فريدا. فنظام الأسد المستبد يستمر في ذبح شعبه، كما تواصل جماعات متطرفة مثل «داعش» وجبهة النصرة المرتبطة بـ«القاعدة» القيام بأعمال وحشية وتخطيط عمليات إرهابية ومحاولة فرض آيديولوجيتها المفلسة على الشعب السوري. وسياسة الولايات المتحدة واضحة. الأسد فقد كل شرعيته منذ فترة طويلة – ولعدم وجود حل عسكري للتحديات في سوريا – لا بد في النهاية أن يكون هناك انتقال سياسي نحو سوريا يتم فيه حماية الحقوق العامة، ومنها حقوق المرأة وحقوق الأقليات الدينية والعرقية. ونحو هذا الهدف، تواصل الولايات المتحدة دعم المعارضة السورية المعتدلة. ونظل أكبر جهة مقدمة للمساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري، ومع شركائنا في التحالف، بما في ذلك دول عربية، سنواصل حملتنا الصارمة من أجل تقليص المناطق الآمنة التي تحتمي بها «داعش» داخل سوريا ضمن حملتنا الأوسع لتدمير «داعش».

* لقد وصلت إلى البيت الأبيض بوعد سحب القوات من العراق، وقد حافظت على وعدك. ومع ذلك فإن الوضع في العراق اليوم أسوأ مما كان عليه عندما وصلت إلى البيت الأبيض، مع «داعش» والميليشيات المسلحة التي تهدد أمن العراق. ما هو المطلوب لاستعادة استقرار العراق وكم من النقد ستتقبل حول ما أصبح العراق عليه بعد 12 عاما من الحرب التي عارضتها؟

- إن أحد الأسباب التي عارضت من أجلها غزو العراق في عام 2003 هو شعوري بأننا لم نقدر العواقب طويلة المدى. وفي الواقع، فإن سنوات عدم الاستقرار التي تبعت الغزو الأميركي ساعدت في ظهور «القاعدة» في العراق، والتي تحولت فيما بعد إلى «داعش» التي أسست لنفسها قاعدة في سوريا. وعبر سنوات كثيرة، أنفقت الولايات المتحدة مئات المليارات من الدولارات – وضحى آلاف من الأميركيين بحياتهم – لمساعدة العراقيين في تأسيس حكومة جديدة وقوات أمن. ومن المأساة، فشل الحكومة العراقية السابقة في أن تحكم بأسلوب تعددي شامل ساهم في خلق وضع شعر فيه بعض العراقيين أنهم مستبعدون، وكانت فيه القوات العراقية غير قادرة أو غير راغبة في الدفاع عن العراق ضد تقدم «داعش» في العام الماضي. ولذلك فهي ليست فقط مشكلة عسكرية ولكنها مشكلة سياسية أيضا.

من المهم لنا جميعا أن نتعلم دروس السنوات الاثنتي عشرة الماضية. وهذه الدروس تقودني إلى الاعتقاد بأن الحل العسكري لا يمكن فرضه على العراق – وبالتأكيد ليس من الولايات المتحدة. ولهذا، فإننا بالتعاون مع شركائنا في التحالف نسعى نحو توجه شامل في العراق في شراكة مع الشعب العراقي. وحملتنا العسكرية مع شركائنا العرب أوقفت زحف «داعش» وفي بعض المناطق أجبرتهم على التراجع. وهزمت القوات العراقية «داعش» في تكريت، كما فقدت «داعش» ربع المساحة المأهولة التي سيطرت عليها في العراق. ونحن نساعد على تدريب وتقوية القوات المحلية في العراق حتى تزداد قوة. ونقوم أيضا بتوفير المساعدات الإنسانية للشعب العراقي. وكما قلت مرات عدة، الحملة لتدمير «داعش» سوف تستغرق بعض الوقت، ولكنني على ثقة بأننا سننجح.

ولكن، في نهاية المطاف، سينجح العراق فقط إذا ما حكمه قادته بطريقة شاملة وتعددية يرى من خلالها العراقيون من مختلف الخلفيات أن لهم مستقبلا في العراق. وقد تشجعت بجهود رئيس الوزراء (العراقي حيدر) العبادي في تقوية القوات المحلية من خلال دمج أبناء القبائل السنية والعمل على تطوير «الحرس الوطني». وقد طور العبادي أيضا رؤية لأسلوب حكم جديد غير مركزي. وقام العبادي بجهد للتواصل مع دول جوار العراق وتم الترحيب به في عواصم إقليمية. إن اجتماعاتي هذا الأسبوع مع شركائنا في مجلس التعاون الخليجي سوف تكون فرصة للتأكيد على أننا ندعم بشدة روابط أقوى بين العراق وجيرانه، الذين عليهم احترام سيادة العراق.

* في بداية الأمر كان هناك تقدير كبير لجهودكم في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتطبيق حل الدولتين. ومع ذلك فإن هذه الجهود قوبلت بعرقلة من أطراف عدة. هل فقدتم الأمل في التوصل إلى حل الدولتين قبل نهاية ولايتكم الرئاسية؟ وإذا كانت الإجابة بكلا، كيف يمكنكم تغيير الوضع الحالي؟

- لن أيأس أبدا في أمل تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولن تتوقف الولايات المتحدة عن العمل من أجل تحقيق هذا الهدف. وكما قلت عندما قمت بزيارة رام الله قبل عامين، فإن الفلسطينيين يستحقون نهاية للاحتلال والإذلال اليومي الذي يصاحبه. وهم يستحقون الحياة في دولة مستقلة وذات سيادة، حيث يمكنهم أن يمنحوا أطفالهم حياة ذات كرامة وفرصا معيشية. وكما قلت في خطابي إلى الشعب الإسرائيلي في الرحلة نفسها فإن السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ضروري، وهو من العدل ويمكن تحقيقه. كما أنه أيضا يصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة. ولذلك عملنا بجهد كبير لسنوات من أجل حل الدولتين وتطوير وسائل مبتكرة للتعامل مع احتياجات إسرائيل الأمنية، واحتياجات الفلسطينيين السيادية.

ومع انهيار المحادثات وتصاعد التوتر في القدس الشرقية والضفة الغربية ونشوب الصراع في غزة الصيف الماضي، ومع تساؤلات جدية حول الالتزام المحتمل بحل الدولتين، ليس سرا أننا الآن أمام طريق شاق للمستقبل. ونتيجة لذلك، تراجع الولايات المتحدة بعمق أسلوب تعاملها مع الصراع.

نحن نتطلع إلى الحكومة الإسرائيلية الجديدة وإلى الفلسطينيين لإظهار التزام حقيقي بحل الدولتين من خلال السياسات والأعمال. وحينذاك فقط يمكن إعادة بناء الثقة وتجنب حلقة التصعيد. ولا بد أن يكون التعامل مع آثار الصراع في غزة خلال الصيف الماضي مركزيا لأي جهد. وفي نهاية المطاف، سيتعين على الأطراف ليس فقط التعامل مع الحاجات الإنسانية العاجلة واحتياجات إعادة الإعمار في غزة، ولكن أيضا التحديات الجوهرية لمستقبل غزة ضمن حل الدولتين، بما في ذلك تعزيز ارتباط غزة بالضفة الغربية وإعادة تأسيس روابط تجارية قوية مع إسرائيل ومع الاقتصاد العالمي.

* لقد تواصلت مع العالم العربي بعد وصولك إلى البيت الأبيض عبر خطاب القاهرة عام 2009. وقد تغير الكثير منذ ذلك الوقت. وفي مقابلة أجريتها مؤخرا مع صحيفة «نيويورك تايمز» تحدثت عن «الشباب السني»، ورفض الكثير من الشباب في المدن العربية تصنيفهم دينيا أو طائفيا بهذه الطريقة. فهل تأسف أن الولايات المتحدة قد تكون ساهمت في تأجيج هذه الطائفية؟ وهل لديك رسالة إلى هؤلاء الشباب، بمن فيهم من يخاطر بكل شيء من الوصول إلى «الغرب» عبر البحر المتوسط حيث شاهدنا الآلاف تهلك؟

- لقد قضيت فترة رئاستي – وفي الواقع معظم حياتي – أعمل من أجل وصل الفوارق المفترضة بين الأجناس والأعراق والديانات والتي غالبا ما تمنع الناس من العمل سويا في الولايات المتحدة وحول العالم. وفيما يتعلق بالشرق الأوسط،، قمت مرارا بحث الحكومات على أن تحكم بأسلوب شامل تعددي بحيث يدرك كل أفراد شعوبهم - سواء كانوا سنة أو شيعة أو مسيحيين أو من أقليات دينية أخرى – أن حقوقهم سوف يتم احترامها وأن الفرصة سوف تكون متاحة أمامهم للنجاح. ولذلك عندما يرفض الشباب أن يروا أنفسهم من خلال المنظار الطائفي فإن هذا يمنحني الأمل.

ومع ذلك، ما لا يمكن إنكاره هو أن الطائفية للأسف توجد في المنطقة. وقد قلت في الأمم المتحدة العام الماضي إن «الحروب بالوكالة وحملات الإرهاب بين السنة والشيعة في أنحاء الشرق الأوسط» هي «صراع لا منتصر فيه». وقد تمزقت سوريا بسبب الحرب الأهلية، واستطاعت «داعش» الاستيلاء على مناطق شاسعة في العراق. وتسوق «داعش» منهجا مشوها وكاذبا عن الإسلام ومعظم ضحاياها هم من المسلمين – من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء. ولذلك فإن إحدى القضايا التي سنركز عليها هذا الأسبوع في واشنطن هي كيفية عمل دولنا سويا من أجل حل بعض الصراعات الأكثر إلحاحا في المنطقة والتي سمحت بانتشار وازدهار مثل هؤلاء المتطرفين.

إنها مأساة حقيقية أن يشعر الكثير من الشباب بأن انعدام الفرص في بلدانهم يدفعهم إلى المخاطرة بحياتهم – وا لعديد منهم يلقون حتفهم – في محاولة عبور البحر المتوسط إلى أوروبا. ولذلك فإن رسالتي للشباب في أنحاء المنطقة هي أن الولايات المتحدة تراكم كما أنتم – شبابا وشابات موهوبين جدا ولديكم طاقات عظيمة يمكن أن تمنحوها لمجتمعاتكم ولبلادكم وللعالم. وتود أميركا أن تكون شريكة لكم فيما تعملون من أجل النجاح. وكان هذا هو جوهر خطابي في القاهرة، ويبقى هو هدفنا إلى اليوم. ولهذا نعمل من أجل دعم شراكات ريادة الأعمال والتعليم – حتى يمكن للشباب أن يبلوروا أفكارهم إلى مشروعات وأعمال توفر الفرص والوظائف. وهي أيضا سبب استمرار دعم أميركا للديمقراطية وحقوق الإنسان حول العالم، لأننا نؤمن أن كل رجل وامرأة وصبي وفتاة، جميعا يستحقون فرصة السعي وراء أحلامهم بحرية وكرامة.