المواقف الأخيرة لرئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون التي أطلقت من خلالها رسائل في عدّة اتجاهات على خلفية موضوع التعيينات العسكرية والأمنية، توحي بان العلاقة مع حلفائه في 8 آذار وتحديداً حزب الله ليست على ما يرام، بعدما شعر رئيس التيار الوطني الحر ان حلفاءه ليسوا معه على نفس الموجة من التصعيد الذي بدأه برفضه أي تمديد لقادة الأجهزة العسكرية والأمنية، سيما وأنه من خلال المعطيات التي توافرت للنائب عون، فإن حزب الله ليس متحمساً كثيراً لخطواته بسحب وزرائه من الحكومة أو تعليق مشاركتهم في اجتماعاتها، في حال جرى التمديد للقادة العسكريين والامنيين، والأمر نفسه ينطبق على وزراء حركة أمل الذين يؤيدون حصول التعيينات في حال جرى التوافق بشأنها داخل مجلس الوزراء، والا فإن التمديد سيصبح امراً ضرورياً لتفادي أي فراغ في المراكز العسكرية والأمنية.
وفي المعلومات التي حصلت عليها «اللواء» فإن التصعيد «العوني» الأخير مرده إلى ان الإشارات التي وصلت إلى رئيس «التغيير والاصلاح» غير مشجعة للسير بمشروعه في اجراء التعيينات في هذه الظروف التي يمر بها البلد وفي ظل عدم وجود رئيس للجهورية، من الحلفاء والخصوم على حدّ سواء، وقد كان كلام عون عن انه سيترك من يتركه، مؤشراً واضحاً بأن حلفاءه لا يدعمونه في ما يمكن ان يتخذه من إجراءات إذا لم تجر الحكومة تعيينات جديدة، كأن يستقيل أو يعتكف أو يقاطع اجتماعات مجلس الوزراء، خاصة وأن عون لم يتلق حتى الآن رداً من حزب الله على الموعد الذي طلبه للقاء الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، وأن كانت الاتصالات مستمرة بين الطرفين للاتفاق على هذا الموعد.
وتُشير المعلومات إلى ان حزب الله وحركة أمل وكذلك قوى 14 آذار تعتبر ان الأولوية هي لتحصين الوضع الأمني ودعم الجيش في خطواته التي يقوم بها لتنفيذ الخطة الأمنية على طول مساحة البلد، وبالتالي فإن أي محاولة لتعريض الحكومة للاهتزاز ستؤثر سلباً على الجهود المنصبة لتعزيز الاستقرار الداخلي وتحصين السلم الأهلي، تجنباً لأي خطوة لا تصب في مصلحة تثبيت دعائم الوحدة الوطنية ونزع كل فتائل التوتر المذهبي والطائفي، وهذا ما يُركّز عليه الحوار الجاري بين حزب الله وتيار المستقبل، بالرغم من خلافاتهما حيال الكثير من الملفات الداخلية والإقليمية.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر نيابية في تكتل التغيير والاصلاح لـ«اللواء» ان النائب عون متمسك بموقفه الداعي إلى اجراء تعيينات عسكرية وامنية، ولن يقبل بأي توجه نحو التمديد للقادة العسكريين والامنيين لأي سبب كان، مشيرة إلى ان لا شيء يمنع الحكومة من القيام بهذه التعيينات، على غرار ما قامت به من تعيينات على أكثر من صعيد، وحتى دون وجود رئيس للجمهورية، ولذلك فإن تكتل التغيير والإصلاح لن يقف مكتوف الأيدي عندما يطرح الموضوع على مجلس الوزراء، فإما ان يتم التعامل مع الموضوع وفق الآليات الدستورية ويصار إلى اجراء تعيينات في المراكز الشاغرة، واما سيكون للتكتل الموقف المناسب الذي سيضع الجميع امام مسؤولياتهم، رفضاً لأي توجه نحو التمديد، الأمر الذي يوجب على الحلفاء ان يتفهموا خطوة النائب عون في هذا الاتجاه ويتخذوا الموقف المناسب من هذا الموضوع.
وترى الأوساط ان المطلوب ان تتعامل المكونات السياسية مع التعيينات العسكرية والأمنية من منطلقات وطنية وحرصاً على استمرار عمل المؤسسات وضخ دماء جديدة فيها، تفادياً لاستمرار هذا الواقع  غير القانوني من خلال إصرار البعض على ان يسحب التمديد نفسه على المؤسسات العسكرية والأمنية بعد التمديد لمجلس النواب الذي رفضه نواب التيار الوطني الحر، وبالتالي فإن الذي رفض ان يُمدد للمجلس النيابي لن يقبل بالتمديد في المؤسسات العسكرية والأمنية. ولا بدّ من حصول تغيير في قياداتها، بما يُساعد على تفعيل دورها أكثر وجعلها قادرة على أداء مهامها بشكل طبيعي في مواجهة التحديات الكثيرة التي تنتظر البلد على أكثر من صعيد، ما يفرض على الجميع التعامل مع هذا الملف بكثير من المسؤولية لأن مصلحة البلد والمؤسسات تتقدّم على أي اعتبار آخر.
لكن في المقابل، فإن مصادر في قوى 14 آذار تعتبر ان أي قرار قد يتخذه النائب عون لن يؤثر على عمل الحكومة، فإذا قاطع وزيراه اجتماعات مجلس الوزراء أو حتى إذا استقالا، فلن يتضامن معهما أحد من حلفاء عون، لأن هناك قراراً ثابتا من غالبية القوى السياسية في البلد بعدم التفريط بالحكومة في ظل الشغور الرئاسي، ومهما اشتدت حدة الخلافات السياسية، ما يعني ان قوى 8 آذار باستثناء النائب عون لن تتخذ أي قرار يعرض الحكومة للاهتزاز في حال لم يحصل توافق على التعيينات العسكرية والأمنية، في حال جرى طرح على مجلس الوزراء، بمعنى آخر فإن النائب عون لن يجد من يتضامن معه إذا ما قرّر ان يسبح عكس التيار ويسحب وزيريه من الحكومة أو يدفعهما إلى الاعتكاف إذا لم يعين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، وسوف يكون وحده الخاسر في هذه المعركة غير المتكافئة التي قرّر خوضها ضد الحلفاء والخصوم على حد سواء. 

    بقلم: عمر البردان