أظهرت أحداث وتطورات «الربيع» العربي أحوال جيوشنا العربية، وأكدت حالة فرز واضحة، حيث لا يوجد أي تجانس في ما بينها، على صعيد الجيوش كمؤسسات، وتبين أن «بعض» جيوشنا هي أقرب إلى  العصابات والميليشيات.
فمن المعلوم أن دول العالم تبني جيوشها وفق أسس ونظم باتت معروفة وسائدة في العالم، من حيث الهيكلية، والانضباط، والتعبئة الوطنية، وتحديد الهدف والدور الاستراتيجي لهذه الجيوش، فهناك جيش أميركا، أو ألمانيا، أو فرنسا.
وفي حال تمّ استعراض حال ثلاث من دولنا تعرّضت لحركة التغيير التي أطلق عليها مصطلح «الربيع العربي» منذ بدايات عام 2011، لوجدنا نتيجة أو خلاصة يمكن تلخيصها بكلمة واحدة هي «فضيحة».
في بدايات عام 2011 بدأ ربيع كل من مصر، اليمن وسوريا، من الأهمية إلقاء الضوء على ما قام به كل جيش في هذه الدول الثلاث تجاه شعبه.
أولاً: مصر: منذ بداية الانتفاضة الشعبية على نظام  الرئيس حسني مبارك اتخذ الجيش المصري موقف «الحياد» بين الطرفين، وأعلن أنه لن يتدخل ضد شعبه إلا إذا وصلت الأمور إلى تهديد أمن مصر الوطني، ورفض أن يدخل في الصراع ما بين الرئيس مبارك ونظامه وبين الحركة  الشعبية المنتفضة، وكانت النتيجة أنه لم يسجل لغاية إقالة الرئيس محمد مرسي أن الجيش المصري تدخل لحماية الرئيس مبارك، أو  الرئيس مرسي، بل يسجل له أنه وقف إلى جانب 30 مليونا تظاهروا في ميادين القاهرة والمدن والقرى المصرية رافضين حكم جماعة «الإخوان المسلمين».
ثانياً: اليمن: عندما انتفضت ملايين الشعب اليمني على حكم الرئيس علي عبدالله صالح تدخل الجيش «باستحياء» حيث حاول إنقاذ حكم الرئيس صالح، إلا أنه رغم قتل بضع آلاف من المنتفضين عجز عن مواجهة الملايين في جميع المدن من الشمال إلى الوسط والجنوب، عندها اضطر الرئيس صالح إلى التنازل عن السلطة لنائبه الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي وفقاً للمبادرة الخليجية التي منحته حصانة عدم المحاكمة على قتله للمتظاهرين، وأيضاً عدم محاسبته أو محاكمته على  الفساد  الواسع إبّان حكمه (ظهرت معلومات تفيد أن ثروة الرئيس علي عبد الله صالح الآن تفوق الـ50 مليار دولار، فيما اكثر من نصف شعبه يعيشون تحت خط الفقر!!).
وبعد مرور حوالى سنتين على مكوثه (صالح) خارج السلطة تبين انه دبر انقلاباً عسكرياً بالتعاون مع الحوثيين من أجل عودته للسلطة أو تنصيب نجله احمد قائد الحرس الجمهوري، وعندما رفض الشعب اليمني الانقلاب انحاز أكثر من 90 بالمائة من الجيش لأوامر الرئيس السابق صالح وعزل مع الحوثيين الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي، وعندما ناصر الشعب رئيسه انقض عليه الجيش اليمني بكل ما يملك من سلاح، وهو اليوم يعتبر المساهم الرئيسي في تدمير اليمن وقتل أهله.
ثالثاً: سوريا: منذ اليوم الأوّل لانتفاضة الشعب السوري ضد نظام الرئيس بشار الأسد، استخدم الأسد عصاه الغليظة (الجيش) ضد المتظاهرين، ورفع من وتيرة قمعه للشعب السوري عندما نجحت الأجهزة الأمنية والقيادة السياسية في «جرّ» المتظاهرين إلى حمل السلاح بعد استمرار قتلهم كمتظاهرين سلميين لأكثر من ستة أشهر. وهذا الجيش منذ أربع سنوات مضت استخدم كافة ما يملك من سلاح ومدفعية وصواريخ وطيران وبراميل متفجرة، واسلحة كيميائية ضد شعبه فقتل أكثر من 220 ألف مواطن وشرد 14 مليون سوري.
من خلال هذه القراءة السريعة تبين ان في مصر جيش هو «جيش مصر» وليس جيش مبارك أو السادات أو مرسي... وفي اليمن جيش علي عبدالله صالح وليس جيش اليمن، وفي سوريا جيش الأسد وليس جيش سوريا.
باختصار هناك «فضيحة» تسمى جيش في سوريا، وكذلك في اليمن، اما في مصر فهناك مؤسسة عسكرية لمصر وليس.. لقائدنا إلى الأبد..

  بقلم: حسن شلحه