محافظة عكار تشكل ثمن مساحة لبنان ( 80 الف هكتار) وتتميز عن باقي المحافظات اللبنانية بالتنوع المناخي على امتداد مساحتها. هي المحافظة الوحيدة التي تضم ثلاث مناطق:

- ساحلية مع شاطىء يمتد لحوالي ال 14 كيلومترا، وسهل زراعي مساحته تزيد عن ال 18 الف هكتار.

- وسطية تضم التلال والهضاب التي ترتفع حتى حدود ال 600 متر عن سطح البحر.

- جبلية وتضم المرتفعات الجبلية العالية ما بين ال 650 مترا وما فوق حتى حدود قلعة عروبة اعالي منطقة القموعة 2400 مترا عن سطح البحر، والتي تمتد من اكروم وحتى وادي جهنم على مجرى النهر البارد مرورا بالقبيات وعكار العتيقة والقموعة ومشمش وحرار اهم غابات لبنان .

المواقع الطبيعية والاثرية والتراثية أهلت منطقة عكار على الدوام لان تكون من المناطق السياحية الهامة، بيئيا، صحيا، دينيا، اثريا وتراثيا، فيما لو أحسن توظيف كل الموارد والمقومات التي تتمتع بها وتحسين واقع بناها التحتية اللازمة من طرقات وماء و كهرباء وهاتف وشبكات للصرف الصحي واعادة تأهيل وتطوير كل المرافق الحيوية الانتاجية ودعم وتشجيع المبادرات الفردية فيها التي حققت في السابق نوعا من التوازن العام على الصعيد الانمائي.

الكثير من أبناء عكار يتطلعون الى هذا الامر الحيوي والهام على اعتباره المدخل الافضل الى التنمية المستدامة, لمساعدة هذه المنطقة على النهوض اقتصاديا وعمرانيا وتجاريا مع ما يمكن لهذه المشاريع السياحية ان توفره من فرص عمل جديدة لالاف الشباب المتعلم ولليد العاملة بكل اختصاصاتها.

منطقة عكار غائبة عن اي دليل سياحي رسمي رغم مواقعها الطبيعية والاثرية والتراثية، حتى عن جدران اي من وزارات الدولة كما في كل مرافق الادارات العامة ذات الصلة، ومنها بالطبع الادارات الرسمية والعامة. الا ان مبادرة وحيدة قام بها مؤخرا محافظ عكار عماد لبكي عبر تعليق صور من طبيعة عكار عند مداخل مكاتبه في سراي حلبا الحكومي وقام بطبع بطاقات معايدة تحمل مواقعا طبيعية وتراثية من عكار) والفنادق والمطاعم وشركات الطيران وشركات الاعلانات.

عقدت ندوات ومؤتمرات منذ سنوات عن مشاريع التنمية المفترض تنفيذها، وما هو مطلوب وبالحاح تحقيق هذه التنمية بمعناها المستدام والبدء فورا بتنفيذ سلة المشاريع المدروسة والمقرة منذ زمن، وابرزها:

- مشروع اعادة تأهيل وتطوير "مطار القليعات - مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض" وكل المشاريع المتصلة به والتي من شأنها تأمين الاف فرص العمل امام الكادرات البشرية العلمية والعاملة من ابناء هذه المنطقة وفتح آفاق واسعة على مسارات الحركة السياحية والاقتصادية لهذه المنطقة التي أضحت محافظة.

- ايلاء محطة توليد الطاقة الكهرمائية على مجرى النهر البارد الاهتمام اللازم واعادة تأهليها وتطويرها بشكل يؤمن التيار الكهربائي للقسم الاكبر من المناطق العكارية اذا ما جرى تنظيف وتوسيع السدود المائية وصيانتها ووضع توربينات حديثة بدل تلك المتهالكة وتشغيل المولدات العاملة فيها وتطوير وتأهيل شبكات الكهرباء.

- استكمال عملية تطوير وتأهيل شبكة الطرقات العامة الرئيسة الدولية منها والفرعية بطريقة عصرية تراعى فيها شروط ومواصفات السلامة العامة وان تتوفر البنى التحتية لهذه الطرقات من اقنية لتصريف المياه الشتوية الى الانارة والتخطيط الجانبي والوسطي لتحديد معالم الطرقات ليلا بما يؤمن حركة انتقال سهلة وآمنة على مختلف هذه الطرقات وتحسين وتجميل مداخل المدن والبلدات والقرى بما يتناسب وجمال طبيعة هذه المنطقة ويتناسق ويتناغم معها.

- استكمال مشاريع مد شبكات مياه الشرب التي بدأ العمل بها وضرورة التقيد بتنفيذ أمن وسليم لشبكات مياه الشرب بعيدة عن مجاري مياه الصرف الصحي والحفر الصحية التي يجب اقفالها اقفالا تاما.

- تحسين الواقع الصحي للمستوصفات الرسمية والعمل على وضع خطة تطوير حقيقية تؤمن حضورا وفعالية أمثل لمستشفى الدكتور عبدالله الراسي الحكومي في حلبا كي تعمل بطاقتها القصوى بما يلبي احتياجات أبناء هذه المنطقة التواقين الى حضور مؤسسات صحية استشفائية رسمية تؤمن الخدمة الصحية.

- تطوير شبكات الاتصالات الهاتفية كي تكون عصرية بادائها وتحسين وتعميم خدمة ال "دي.اس.ال." على نطاق واسع يطال كل قرى وبلدات عكار.

- حماية الثروات الطبيعية عبر رفع التعديات عن الغابات (قطع ورعي وحرق وجرف) ودعوة المسؤولين لتنفيذ مشاريع قوانين اعلان كل غابات عكار محميات طبيعية، وفتح غابات عكار ومجاري المياه السطحية فيها امام السياحة البيئية صيفا، وشتاء امام هواة التزلج الحر والافادة من موارد هذه السياحة وتشجيع المبادرات الفردية عبر مجموعة من الناشطين البيئيين الذين بدأوا برسم دروب السياحة البيئية في جبال ووديان عكار وتنظيم الانشطة والرحلات. وابرز المبادرات الفردية على هذا الصعيد المحمية الطبيعية والبحيرة الاصطناعية التي انشأها النائب السابق لرئيس الحكومة عصام فارس على املاكه الخاصة في بلدة بينو والتي شكلت ولا تزال ملاذا لكل هواة المشي الذين يقصدون يوميا صيفا و شتاء محيط هذه البحيرة للسير في احضان الطبيعة.

- حماية مسار هجرات الطيور ومواطن استراحتها وتأمين ملاذات امنة لها، بعد ان فقد لبنان عموما وعكار خصوصا انواعا عدة من الطيور، التي هاجرت او انقرضت بفعل الصيد الجائر والسموم الزراعية وسوء ادارة هذا الملف على المستوى الوطني. والمتحف الخاص بالطيور والحيوانات المحنطة في دير الاباء الكرمليين في القبيات يؤرخ لكل انواع الطيور والحيوانات التي كانت تستوطن في غابات عكار وطبيعتها، وثمة جناح خاص في هذا المتحف للفراشات يضم الالاف من الانواع النادرة جدا .

- اعطاء الاهمية للمياه الكبريتية الساخنة في بلدة السماقية، الحاضرة منذ الستينات، والتي على بعد مئات الامتار منها استراحة سياحية انشئت في السبعينات من القرن الماضي ولم يجر الى الان افتتاحها واستثمارها وتوظيفها في خدمة السياحة البيئية والصحية في هذه المنطقة، ولا سيما ان هذه الاستراحة السياحية قد وضعت لها المخططات الملائمة كي تكون منتجعا سياحيا صحيا مميزا على شاطىء المتوسط الا ان وزارة السياحة لا تعلم بوجودها.

- وقف هدر الثروة المائية وتنفيذ سلسلة مشاريع السدود المقترحة على انهر الكبير والبارد والاسطوان وعرقة وتحسين واقع بحيرة الكواشرة الاصطناعية وتنفيذ غيرها من البحيرات الزراعية المقترحة في المناطق الجبلية على غرار بحيرة "النقرة - بيت ايوب "التي باتت بحاجة الى عملية صيانة واسعة كي لا تفقد جدواها الاقتصادية التي انشئت لاجلها، والعمل على رفع التلوث عن مجاري هذه الانهر المتأتية من مجاري الصرف الصحي التي حولت اليها في العديد من بلدات محافظة عكار، الامر الذي يهدد احواض هذه الانهر والينابيع والحياة المائية كما يهدد الثروة الزراعية.

- الدفع قدما بتطوير المناخات المؤاتية لكي تستعيد عكار مكانتها على الصعيد الزراعي، وهذا يتطلب تفاعلا وتناغما عالي المستوى بين الجهات المعنية كافة على الصعيدين الرسمي والجهات المانحة والمزارعين، وهذا من شأنه ان يضع عكار من جديد على لائحة السياحة الزراعية بامتياز.

- حماية الثروة الاثرية من عمليات النهب والسرقة والنبش غير الشرعي ووضع اليد والتدمير الذي تتعرض له بغفلة من الوزارة المعنية ومديرية الاثار واعادة احياء هذه المواقع باعادة ترميمها وتأهيلها من جديد لما تشكله من غنى ثقافي وحضاري تبرز قيمة عكار ولبنان التاريخية، في عرقة - عكار العتيقة - القبيات - القليعات - الشيخ زناد - منجز - اكروم - وادي خالد - فنيدق- مشمش - حرار- القرنة رحبة جبرايل وحلبا وغيرها، بالاضافة الى الكثير من المعابد والكنائس والمساجد القديمة والمغاور الطبيعية، خصوصا في مشمش في جرود عكار والسهلة في جبل اكروم، وتجنيد حملة من اجل استعادة كل الكنوز والقطع الاثرية التي هربت او سرقت او اقتنيت والعمل على بناء متحف عام لعكار يجمع تراثها، اضافة الى السعي الجاد لوضع تل عرقة الاثري على لائحة التراث الوطني والعالمي، نظرا لما تكتنزه من اثار قال عنها العلماء والباحثون الاثريون بانها "خزان حضارات الشعوب على مدى اكثر من 5 الاف سنة"، والعمل على تشجيع اصحاب الابنية التراثية ومساعدتهم على المستوى الرسمي لاعادة تاهيل الابنية والمحافظة على طابعها الهندسي والمعماري العريق، ومساعدة البلدات التي سبق لها ان صنفت بلدات سياحية منذ الستينات مثال بلدة بينو التي تضم ابرز البيوت التراثية العريقة.

- اعادة الحياة لقطاع تربية الخيول العربية الاصيلة التي كانت عكار تحتل الموقع الابرز على هذا الصعيد وكانت هناك مئات المزارع التي تربي الخيول العربية وفق اعلى المواصفات.

- حماية النباتات البرية التي تتميز بها عكار ولا سيما منها النباتات المستخدمة في العلاجات الطبية والصحية التي تتعرض الى ابشع انواع التعدي عبر استئصال بعضها من جذورها، علما بان هذه النباتات الرحيقية تشكل الدعامة الاساسية لتربية قفران النحل التي تتمتع بحضور مميز في عكار حيث العسل العكاري يعد من اجود انواع العسل اللبناني.

مقومات كثيرة تنعم بها عكار طبيعيا واثريا دون باقي المناطق اللبنانية، لكن المحافظة كانت ولا تزال بمنأى عن الحركة السياحية وخارج اطار اللائحة الرسمية والخاصة للترويج السياحي، فلا مهرجانات فيها الا ما ندر وعلى نطاق بلدي او قروي ضيق وبمبادرات محض فردية داخلية لا تستقطب زوارا من خارج المنطقة بالقدر الذي تستحقه مواقعها الاثرية والتراثية والطبيعية.


جمعيات ومنظمات محلية ودولية وأفراد يعملون لتعزيز التنمية في عكار، فجمعية "مدى" ومن ضمن برنامج EMLED عملت على تعزيز قدرات البلديات من خلال تطوير الاقتصاد المحلي الممول من الوكالة الاميركية للتنمية الدولية بالتعاون مع بعض المؤسسات المانحة، "منظمة الاغاثة الدولية ومجموعة الموارد الدولية" بالتعاون مع عدد من الناشطين البيئيين والسياحيين تعاونوا على انجاز مشروع "مركز تطوير السياحة في عكار" الذي عمل على انتاج وطباعة عدد من المطويات والكتيبات التي تحكي حكاية عكار الجميلة وشكلت بمجملها "الدليل" الذي يسمح للسائح في عكار التعرف مسبقا على كل الاماكن والمواقع الطبيعية والاثرية والتراثية والسياحية في المنطقة، والوجهة التي يريدها للتجوال في ربوع هذه البلاد التي تشكل ثمن مساحة لبنان ساحلا وسطا وجبلا. وقد زودت كل مطوية بخارطة مفصلة وبارقام هواتف اماكن الاستراحة وبيوت الضيافة والمطاعم والفنادق ومحلات بيع المنتجات المحلية والادلاء الممكن الركون اليهم في كل منطقة.

فقد تم وضع اكثر من دليل عن: درب الزيت والزيتون، المواقع الاثرية والسياحية، الدروب الجبلية لهواة السير في الطبيعة الجبلية، دروب عكار بالدراجة الهوائية.
وقد وزعت هذه المطويات والكتيبات على كل المرافق السياحية في لبنان ووزارتي السياحة والبيئة وسفارات الدول الاجنبية والعربية كما على شركات السفر والسياحة منذ اكثر من 5 سنوات.

أراد المشرفون على هذا العمل الاول من نوعه في عكار ان يكون خطوة تشجيعية لخطوات عديدة في مسيرة الالف ميل التي تحتاج الى تعاون وتضافر جهود المؤسسات الرسمية والخاصة المعنية لتوظيف طاقات عكار الكبيرة على المستوى الوطني العام.

 

المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام