بالاستماع الى التسجيل الصوتي للرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح الذي يطلب فيه من مناصريه تدمير كل شيء جميل في اليمن، يتراءى لكل مراقب كم تستقيم اوجه التشابه في عالمنا العربي، في وصف سلوك القادة المؤلهين من شعوبهم، فهؤلاء لم يمتلكوا فقط هذه الشعوب بصكوك ملكية غير قابلة للعزل، بل امتلكوا ارادة هذه الشعوب، بما يكفي لجعلها تدمر كل شيء جميل، في داخلها أولاً وفي اوطانها وأبنائها والمستقبل، وليس في الامر غرابة.

قبل أن تتحول هذه الافكار الى كلمات، توقفت عند جملة كتبها الناشط عماد قيمحة على صفحته على الفايسبوك، يشبه فيها علي عبدالله صالح اليمن، بميشال عون لبنان، فلم أجد في الأمر اختراعاً، لكوني وربما لكون مئات الالاف من اللبنانيين والعرب قد توصلوا الى الاستنتاج ذاته: ايران توظف في عالمنا العربي كل من هو مستعد لتدمير كل شيء جميل في وطنه، خدماً لمصلحته الخاصة، المتقاطعة مع الشهوة الامبراطورية الايرانية، العابرة لحدود اربعة بلدان عربية ، أعني بها العراق وسوريا ولبنان واليمن، والحبل على الجرار.

على الرغم من اختلاف الظرف والموقع، ثمة تشابه كبير بين تجربة على عبدالله صالح وميشال عون. الاول حارب الحوثيين لسنوات قبل اندلاع الثورة الشعبية التي أطاحت به، والثاني حارب النظام السوري وحزب الله، الذي وصفه من واشنطن بالارهابي.

الاول عاد الى اليمن متحالفاً مع الحوثيين، لاجهاض ثورة الشعب اليمني، والثاني عاد الى لبنان متحالفاً مع النظام السوري وحزب الله، لاجهاض ثورة الشعب اللبناني، والاسباب واحدة : حلم العودة الى القصور الرئاسية.

تشبه شراكة علي عبد الله صالح مع الحوثيين، شراكة ميشال عون مع حزب الله، الرجلان لا يمانعان بأن يكونا جزءاً من الانتفاضة المضادة، التي قادها حزب الله في لبنان في مواجهة ثورة الارز، وتلك التي يقودها الحوثيون في اليمن في مواجهة ثورة الشعب اليمني. 7 ايار اليمني لا يختلف كثيراً عن 7 ايار اللبناني، فالادارة ايرانية والتنفيذ حزب اللاهي وحوثي، والتغطية على عاتق صالح في عدن، وعون في بيروت، الاول يقول لخصومه فاتكم القطار، والثاني مبتهج بقطار 7 ايار الذي وضع على سكة قصر بعبدا، قبل أن تاتي تسوية الدوحة لتطيح بالسكة وبالقطار.

الادارة الايرانية، للنفوذ الامبراطوري، تعطل في اليمن مسار الشرعية المنتخبة(8 ملايين ناخب يمني اختاروا هادي)، والادارة الايرانية تعطل في بيروت، الانتخابات النيابية وتفرض حكومات الثلث المعطل، ثم تسقط الحكومات بالقمصان السود، ثم تعطل الانتخابات الرئاسية، وفي الحالتين، رجلان (صالح عون) ينتظران على رصيف الامبراطورية، للعودة الى السلطة واحد بنفوذ الحوثي وآخر بنفوذ حزب الله. رجل في اليمن يمتلك 60 مليار دولار، ويسعى الى المزيد. زرع اولاده في الجيش، وأسس الفرق الخاصة المضمونة الولاء، ومكن العائلة والحاشية من النفوذ داخل أجهزة الدولة، ورجل في لبنان يطمح لأن يحول المؤسسة العسكرية الى دائرة نفوذ، عبر تعيين الاقرباء، اما السعي لتكبير الثروات فجار على قدم وساق، تعطل من اجله تشكيل الحكومات، لنيل الوزارات الدسمة، وتخاض من أجله المعارك، لضمان زرع الحاشية في الدوائر والادارات.

من اجل التمسك بالسلطة، يكتب صالح شيكات سياسية على بياض تمكن ايران من السيطرة على اليمن، ويدفع عون فواتير من غير جيبه الخاص، دعماً لقبضنة المقاومة، في شوارع بيروت ودرعا وبغداد وصولاً الى صنعاء. يخوض علي عبدالله صالح وميشال عون، في لبنان واليمن، وحلفاء ايران في سوريا والعراق، معركة التمسك بالسلطة، حتى آخر حجر وبشر.

عنوان هذه المعركة واحد في أرض طمعت بها "الامبراطورية" الفارسية: "تدمير كل شيء جميل".