أكدت مصادر عسكرية لصحيفة "النهار" أن "عملية جرود رأس بعلبك كانت ناجحة جدًا، اذ استبق الجيش بها أي عمل عسكري يمكن أن تحضّر له الجماعات الإرهابية وأقام تحصيناته في هذه المنطقة التي تعتبر استراتيجية من الناحية العسكرية، وتمكّن من شلّ قدرة هذه الجماعات على القيام بأي عمل عسكري. ونتيجة هذه العملية المباغتة التي لم يتحسّبوا لها، أوقع الجيش في صفوفهم ما بين 13 و14 قتيلاً، فضلاً عن الجرحى، وضبط أعتدة وأسلحة وذخائر وعبوات ناسفة، وفرّ المسلّحون الى خارج المنطقة".

 

وافادت "النهار" أن "ثمة محاذير وثغرات لا تزال في حاجة الى مزيد من الرصد والاستكمال، ويتخذ الجيش الاجراءات اللازمة لتحصين الانتشار الجديد والتحسب لأي احتمال قد يدفع المسلحين الى محاولات اختراق أو تسلل جديدة".

 

وفي السياق نفسه، أكدت مصادر عسكرية لصحيفة "السفير" أن "قائد الجيش العماد جان قهوجي أدار منذ الساعات الأولى من فجر أمس عملية عسكرية محترفة وبالغة الدقة، في جرود رأس بعلبك تمكن خلالها الفوج الرابع في الجيش من احتلال تَلَّتَي صدر الجرش وحرف الجرش شمال شرق التلة الحمراء، وذلك بعد أن مهد له سلاح المدفعية والطيران المروحي بدك مواقع المجموعات الإرهابية، وتمكن الجيش من احتلال التلتَين في وقت قياسي، متقدمًا عن مواقعه ما يزيد عن خمسماية متر في عمق الجرود".

 

وأشارت  إلى أن "الجيش استخدم قوة نارية هائلة باغتت الإرهابيين الذين فروا أمام الوحدات العسكرية في اتجاه الجرود السورية، مخلفين وراءهم العديد من الإصابات وكمية كبيرة من العتاد والأسلحة والمتفجرات والعبوات والأحزمة الناسفة (تبين أن إحدى التلتَين كانت مزنرة بالمتفجرات بكاملها). وفيما تردد أن خمسة عسكريين بينهم ضابط قد أصيبوا بجراح نتيجة استهداف آلية عسكرية بقذيفة صاروخية، أكدت مديرية التوجيه إصابة ثلاثة عسكريين بجراح غير خطرة".

 

وعملت الوحدات العسكرية بعد السيطرة على تلتَي صدر الجرش وحرف الجرش في جرود رأس بعلبك على تثبيت تمركزها فيهما بالتزامن مع استهداف تحصينات المجموعات الإرهابية ونقاط تجمعها وطرق تحركاتها بالمدفعية والصواريخ، ما أدى إلى تحقيق إصابات أكيدة في صفوفها بين قتيل وجريح.

 

وأكدت المصادر على الأهمية الإستراتيجية للتلتَين من خلال الآتي:

 

ـ حماية مواقع الجيش الخلفية، لا سيما تلك التي كانت عرضة في الأيام الأخيرة لمحاولات تسلل من قبل تلك المجموعات.

 

ـ السيطرة النارية المباشرة على مواقع المجموعات الإرهابية وخطوط إمدادها ما بين الجردَين الأوسط والأعلى، الأمر الذي يحد من حرية حركتها ويجعل المبادرة بيد الجيش.

 

ـ خطوة أساسية على طريق ربط الجرد المنخفض من السلسلة الشرقية وهو يمتد من جرد عرسال بعد حاجز وادي حميد، حيث يتمركز الجيش في نقطة كبيرة ومحصنة، في اتجاه جرد الفاكهة ورأس بعلبك والقاع.

 

ـ  إن سيطرة الجيش على "الجرد الواطي" أو "البرية" (بتعبير أهل المنطقة) تسهل وصول أهالي عرسال إلى جزء كبير من أرزاقهم ومزارعهم القريبة من جهة، وتبعد شبح تسلل المسلحين نحو قرى السهل من جهة ثانية، وتحصن مواقع الجيش الذي يصبح مسيطرًا بالنار على جزء كبير من منطقة "سهل الوسعة" في جرد عرسال، وهي التي تفصل ما بين الجردَين الأوسط والعالي.

 

ـ ثمة رسالة إلى الداخل اللبناني مفادها أن الجيش يملك الإرادة الصلبة لقتال المجموعات الإرهابية والانتصار عليها، ما يقتضي الالتفاف أكثر من أي وقت مضى حول المؤسسة العسكرية من كل فئات الشعب اللبناني.

 

ـ ثمة رسالة إلى الخارج للإفراج عن السلاح الموعود به الجيش، "فهو أثبت أنه يملك الإرادة القتالية والعزم، ولكن من المهم أن يتوفر له السلاح النوعي الذي يمكنه من خوض هذه الحرب والانتصار فيها، ولو توفر له هذا السلاح لكان قادرًا على القيام بعمليات نوعية أكبر من شأنها أن تقلب الواقع القائم في الجرود رأسًا على عقب" على حد تعبير مصادر عسكرية.

 

يُذكَر أن "العملية العسكرية تزامنت مع استنفار شامل للجيش في كل نقاط تمركزه في المنطقة خصوصًا أنه تم رصد تحركات مريبة في محيط عرسال (مخيمات النازحين السوريين)".

 

وقالت مصادر أمنية في المنطقة لـ"السفير" إن "الحياة كانت شبه طبيعية في المنطقة كلها ولم تتأثر حركة المدارس والطرق والمتاجر، كما أن مركز الأمن العام المستحدَث في بلدة عرسال شهد إقبالًا كثيفًا للنازحين السوريين الذين يريدون جعل إقامتهم على الأراضي اللبنانية قانونية، ومعظمهم جاؤوا من المخيمات الواقعة في جرد عرسال (بعد وادي حميد)، ولم يتمكن المركز من استيعاب أكثر من 400 حالة تمت تسوية أوضاعها، وهذا المسار سيستمر وصولًا إلى إقفال ملف النزوح غير الشرعي في كل هذه المنطقة، وهو الأمر الذي يتيح لمن حصلوا على إقامات التنقل بحرية على الأراضي اللبنانية".

 

ويُذكَر أن إحصاءات الأمن العام ووزارة الداخلية تفيد بوجود نحو سبعين ألف نازح في منطقة عرسال وجرودها.

 

توازيًا، قال مصدر عسكري لصحيفة "الشرق الأوسط" إن "الخطر من تسلل المسلحين إلى داخل الحدود اللبنانية ومواقع الجيش لا يزال قائمًا"، مشيرًا إلى أن "وحدات الجيش في المواقع العسكرية المتقدمة تصد بشكل يومي محاولات تسلل للمسلحين، وتستهدف تحركاتهم في المناطق الحدودية"، لافتاً إلى أن "عمليات الجيش مستمرة".

 

(النهار - السفير - الشرق الأوسط)