على مدى ثلاثة أعوام وأكثر يرزح السوريون تحت وطأة الحرب الدائرة في بلدهم حيث تصاعدت وتيرة النزوح والتي كان للبنان الحصة الأكبر منه،صعوبات جمة واجهت هؤلاء في البلدان المضيفة بدءاً من الإحتياجات الغذائية والصحية والمسكن وليس إنتهاءاً بالتعلم الذي هو حق كرسته الدساتير الدولية وحقوق الطفل.

في بلدٍ مثل لبنان لا يحصل فيه المواطن على أدنى حقوقه البديهية،وأضحى فيه الوزراء والنواب مافيات تجارية تعتمد المنصب وسيلة لجمع الثروات مقابل تخفيض الإنفاق العام،لن يتفاجىء الأطفال السوريين بأن التعليم لم يعد رسالة ولا حق رغم سعي الأهالي لعدم إضاعة سنين دراسة إضافية على أولادهم ودفع المنظمات والهيئات الدولية الرسوم المتوجبة عن مئتان وخمسين ألف طالب سوري لهذا العام 960 ألف ليرة لبنانية عن كل طالب.

وفق الإحصاءات فإن المدرسة الرسمية في لبنان تستقبل حوالي 30 بالمئة من مجمل الطلاب اللبنانيين بعد غزو المدارس الخاصة وتفوقها بسبب سوء إدارة الرسمية،أي ما معدله معلم لكل سبعة تلاميذ،وعليه لو قررت الوزارة إستقبال كل الطلاب السوريين لأصبح المعدل معلم لكل سبعة عشر تلميذاً أي المعدل الطبيعي وفق القوانين المرعية.إستقبلت المدارس الرسمية العام الماضي الطلاب السوريين في المدارس الرسمية 33 ألف طالب وفق الدوام العادي، وإفتتحت مراكز في مختلف المحافظات اللبنانية بعد الظهر وإستوعبت معظم التلاميذ من المراحل الثلاث روضة،إبتدائي،متوسط.

غير أن هذا العام كان له وقع مختلف على الأهالي والطلاب معاً بعد قرار وزير التربية إلياس أبو صعب بتقليص عدد مراكز التعليم بعد الظهر إلى 20 مركزاً على كافة الأراضي اللبنانية نالت بعلبك إثنين منها،إضافة إلى إستقبال الطلاب الذين إستكملوا أوراقهم في الدوام الصباحي ووفق المنهج اللبناني وهو عدد ضئيل مقارنة بالعدد الهائل للطلاب في لبنان بشكل عام والذي فاق 400 ألف، ووفق القرار فإن العدد المسموح به في فترة بعد الظهر يجب أن لا يقل عن 250 تلميذ كحد أدنى و750 كحد أقصى،وفي حسابات بسيطة فإن مجمل التلاميذ في الدوامين الصباحي المسائي لا يتخطى 50 ألف طالب وهنا السؤال:أين ذهبت الأموال التي دفعتها المنظمات الدولية عن 250 ألف طالب،وماذا عن تقديم الأمم المتحدة عبر إحدى شركات النفط مادة المازوت لوزارة التربية ومنها لكل المدارس الرسمية في لبنان وهو ما لم تستلمه المدارس حتى الآن بعد أن أشرف فصل الشتاء على نهايته.

في بعلبك إفتتح المركزين المخصصين للتعليم في الفترة المسائية أوائل شباط ويستمران أربعة أشهر وبتعليم ثلاث ساعات يومية وبشكل يخالف قرار معاليه لجهة الحصص وايام الدراسة،أما الأهل الذين فقدوا الثقة بالتعليم فقد إمتنع الكثير منهم عن إرسال أولادهم إلى هذين المركزين لعدة أسباب منها:المسافة البعيدة للمراكز عن سكن الطلاب وعدم توفر وسائل نقل إضافة إلى المخاطر الأمنية التي تهددهم بسبب النظرة للسوريين عامة في المنطقة بعد معارك القصير والقلمون،غير أن الأهالي لم يقفوا مكتوفي الأيدي فتقدموا بعرائض عبر المحافظ تم توجيهها إلى رؤوساء المناطق التربوية المعنية تطالب الوزارة بفتح مراكز قريبة للطلاب فكان الرد بأن الأمر يبت به بموجب قرار الوزير رقم 1104\م\2014 علماً ان العريضة التي قدمت تنص بوجود 250 طالب في المنطقة المذكورة وهو بند إشترطه الوزير في قراره لفتح مركزأن لا يقل العدد عن 250 طالب.

معظم الجمعيات الدولية تقوم بنشاطات لاصفية في عدد من المراكز والمخيماتدعم لغة،دعم رياضيات،نشاطات،وتدفع عليها أموال طائلة وتتنافس فيما بينها على جمع العدد الأكبر من التلامذة، والسؤال المطروح هل أن معاليه يراقب ما تفعله تلك المنظمات،وهل يراقب المدارس التي فتحت بدوام صباحي ودون تسجيل الطلاب في الوزارةثلاثة منها في بعلبك،إضافة إلى المدارس التي فتحت بنظام تعليم سوري،وإذا كان الهدف منع التسرب المدرسي أليس ما فعله الوزير ساهم في تزايد هذه الظاهرة ومن يتحمل المسؤولية وما هو مصير الطفولة؟