بلهجة انتصارية معهودة .. حاول الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله , استثمار عملية شبعا التي نفذتها مجموعة من الحزب ضد رتل من الآليات الاسرائيلية يوم الاربعاء , الى اقصى الحدود .

المناسبة , هي احتفال تكريمي لشهداء الحزب الذين قضوا جراء غارة للعدو الاسرائيلي قرب مدينة القنيطرة في الجولان السوري في الثامن عشر من هذا الشهر , وخطاب لنصرالله جاء مبرمجا وموجها من الفه الى يائه لرفع معنويات جمهور الحزب وازالة ادنى فكرة تساور الاذهان , بان المقاومة اليوم – الغارقة حتى اخماص اقدامها في وحول الحرب السورية , ليست مقاومة الامس ...

وبالتاكيد هنا , ليس هناك انجع من قضية فلسطين القادرة على شد العصب ووقف التشتت , " القضية الاساس بالنسبة للمقاومة في لبنان كانت ولا تزال فلسطين , لن نترك ولن ننسى الشعب الفلسطيني " .

غير ان استرجاع السيد حسن لصورة المقاومة  "الماضية " وتلميع اولوياتها , يصطدم عمليا بجملة وقائع على الارض تجعل من كلامه حول "القضية الاساس فلسطين " مجرد كلام واه , امام هول الانغماس المدوّي في الساحة السورية , فالقاصي والداني بات يعرف ان اولويات حزب الله يتم ترتيبها وفق الاجندة الايرانية , وهذه الاجندة لا تحتاج الى اثبات ان مواجهتها الاساس الآن , هي على المسرح السوري وليس بمواجهة العدو الاسرائيلي ..

ومن دون مبالغة يمكن القول ان الوضع العام لحزب الله كان يتطلب حدثا او تدخلا من قبل اسرائيل على مستوى عملية القنيطرة , وقد قدمته حكومة نتانياهو في الوقت المناسب .

ردّ الحزب بذكاء في الزمان والمكان , واستطاع ان يحصد الردود المؤيدة , حتى من اشدّ خصومه , وها هي حكومة تمام سلام تنحني ساجدة امام بطولة العملية , وتثني على انطلاقها من منطقة تنأى بنفسها عن دائرة الخط الازرق ومنطوق القرار 1701

ما يلفت ايضا في خطاب السيد , هو رده على الذين " قاموا بالتحليل واطلاق المواقف والتصريحات بعد عملية شبعا وما ساقوه من اتهامات للمقاومة بتنفيذها لأجندات اقليمية " بقوله : "ان لا شيء في لبنان على الاطلاق له علاقة بالملف النووي الايراني .. فالمقاومة مستقلة في قرارها وخياراتها " . علينا هنا ان نحيل السيد حسن على التصريح الذي ادلى به بالامس قائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني , من ان ايران هي التي طلبت من حزب الله الرد على

عملية القنيطرة وانما  "بشكل مضبوط " .

ثم يقول لنا السيد حسن : " كنا مستعدين لأسوأ الاحتمالات والذهاب الى ابعد ما يمكن ان يتصوره احد .. !!!, الذهاب الى ماذا ؟؟؟ الى حرب شاملة على غرار حرب تموز مثلا ؟؟؟ لا تبقي جسرا او مرفقا الاّ وتدمره الطائرات الاسرائيلية في لبنان !!! أو الى تعداد ضحايا وشهداء يفوق الالف والثلاثمئة ؟؟؟ وهل فعلا ايران ستسمح في هذه المرحلة بالذهاب الى ابعد ما يمكن يتصوره أحد ؟؟ وهي ما صدّقت ان مفاوضاتها مع واشنطن حول السلاح النووي تكاد تصل الى النهايات , وبما يؤسس لاتفاق بينها وبين الاميركيين !! .

ولعل الجديد والابرز في خطاب الامين العام لحزب الله , اعلانه عن معادلة جديدة في مواجهة العدو , بقوله : " نحن لم يعد يعنينا شيء اسمه قواعد اشتباك مع اسرائيل , ومن حقنا الشرعي والقانوني مواجهتها في اي زمان ومكان "

هو كلام طموح حقا من سماحة السيد , ولكن الا يحمل شيئا من المبالغة ؟؟ فها هي اسرائيل وعندما تحسست ان ثمة تغييرا ما في وقائع الامور والمعادلات على ارض الجولان , سارعت الى تنفيذ ضربة القنيطرة , كي تقول لايران وبالفم الملآن : هذا الملعب هنا ,  ليس ملعبكم ..

المعادلة التي يمكن للسيد حسن ان يعتدّ بها وتسجل له , هي معادلة : العين بالعين التي يبدو ان عملية شبعا ستكرِّسها : " قتلونا في وضح النهار .. قتلناهم في وضحه .. وضعوا لنا سيارتين .. دمرنا سيارتين وحبة مسك .. "

عظيم .. هذه هي المقاومة الحقة يا سيدنا , وهنا نرفع الراية معك .. وليس عندما تذهب الى مؤازرة نظام يدأب على قتل شعبه يوميا بالبراميل المتفجرة ...