هل يسعنا القول ان تداعيات عملية شبعا قد انتهت ؟؟ على الاقل هذا ما يبدو في الظاهر  .. فها هو الجيش الاسرائيلي يدعو سكان الشمال في كيانه الى العودة لممارسة حياتهم الطبيعية ، وهذا ابلغ دليل على ان اسرائيل اقتنعت بتبليغ حزب الله لها عبر قنوات معينة ، ان رده على عملية القنيطرة سيقف عند هذا الحد .  سيناريو ، اقل ما يقال فيه ان رائحة التنسيق المسبق تفوح منه ، فلا احد كان يتوقع من حزب الله عدم الرد على عملية القنيطرة ، هذه العملية التي ضربت البيئة الحاضنة للحزب في الصميم ، لما حملته من رمزية في ان تستهدف في ما استهدفته ابن القائد الراحل عماد مغنية . هو ملزم ومجبر على الرد وفاءً لهذه البيئة ورفعا لمعنوياتها وامتصاصا النقمة في ربوعها ، فضلا عن شعوره  بلزوم الانتقام وعدم السكوت على الضيم  ، وهو مسلك تعمد حزب الله دائماً إفهامه لكل من يحيط به .. غير ان حجم الرد ومداه ، هو ما ليس في يد الحزب الذي يأتمر بالنهاية بالقرار الإيراني  ، وبالتالي فان تصرف الحزب وردو أفعاله يجب ان تكون مدوزنة ومحسوبة بدقة وفق مصالح طهران التي تدرك جيدا ان اي انتقام لعملية القنيطرة يؤدي الى حرب شاملة ، سيكلف فواتير وأثمانا باهظة اقلها إزاحة الرئيس بشار الاسد عن الحكم  ، الامر الذي لا يمكن ان تقبل به مطلقا .. وأبعد من ذلك ، لا يمكن لإيران المنتشية بوصول مفاوضاتها مع واشنطن حول الملف النووي الى ربع الساعة الاخير ، ان تسمح لحزب الله بالخربطة عليها ..   

اذا .. حدود الرد كانت معروفة منذ الساعات الاولى لما بعد عدوان القنيطرة ، لتتجه الأنظار للتو الى اسرائيل التي عاشت ساعات ترقب حرجة وحصّنت نفسها في مثل هكذا أوضاع ، بالاحتياطات  والتدابير وحالات الاستنفار .

وبنيامين نتانياهو الذي يعيش بدوره قلق انتخابات الكنيست التي هي على الأبواب ، يعرف  جيدا  هو والدائرة التي تحيط به ، ان خوض الحرب الشاملة في هذه اللحظات السياسية الدقيقة التي تقطع بها المنطقة ، قد يكون ضربا من ضروب الغباء ، في حين ان الردود المضبوطة والمحدودة على الحزب ، تكسب الاخير النقاط وتجعله يحافظ على معادلة ردع القوة السائدة بين الطرفين منذ حرب تموز في العام ٢٠٠٦   ، لذا يقول بعض اصحاب الرأي ان نتانياهو في وضع لا ُيحسد عليه ، فهو الممتعض من مسار التفاوض بين الولايات المتحدة وإيران ، يرغب بالحرب ، عّله يوقف عجلة هذا التفاوض ، ويُحجم عنها لانها ليست في صالح اسرائيل الآن  ، وليس تذكيره بحرب ال ٢٠٠٦ ، وبعدوان غزة ال ٢٠٠٨ ، الا من باب التهويل والتهديد فحسب .

ولكن مفارقة المشهد ان يُسجل لحزب الله حتى من قبل خصومه في الداخل ، ذكاؤه  في اختيار مكان انطلاق هجومه وهو منطقة مزارع شبعا الخارجة عن منطوق القرار الدولي ١٧٠١ ، في خطوة جنّبته مسؤولية خرق هذا القرار على المستوى الدولي ، وان تكن بعض أجواء أروقة الامم المتحدة  تصر تعسفاً على مساواته باسرائيل وتحميله بشكل او بآخر تبعة خرقه ..

في أية حال ، يحرص حزب الله على تقديم نفسه مراراً وتكراراً ،  انه ممسك بقرار الحرب والسلم لبنانيا ، وان مفتاحه في جيبه ، فيما تحرص اسرائيل بدورها على الإمساك بهذا القرار على المستوى الاقليمي ، واذا استثنينا احداث الداخل السوري ، ترقص المنطقة رقصتها الحربية على وقع هذا القرار ، ان كان صادرا من قبل الحزب .. أو من قبل اسرائيل !!!