عاد الغموض والارتباك ليخيما على قضية العسكريين المخطوفين في ظل التكليفات غير الرسمية للوسطاء الذين يتسابقون الى الجرود، فيما تتخبط الدولة في تنافس سياسي وأمني وربما طائفي ومذهبي، الأمر الذي يحول دون وصول الحكومة الى موقف موحد يضع حدا للاجتهادات في هذا الملف، ويخفف من معاناة الأهالي الذين ينتظرون بادرة أمل من جرود عرسال على أحر من الجمر.

 

بالأمس دخل وسيط جديد على ملف المفاوضات هو نائب رئيس بلدية عرسال أحمد فليطي الذي أعلن أن وزير الصحة وائل أبو فاعور كلفه بالوساطة، علماً أن رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" كان أعلن يوم السبت أن أبو فاعور مكلف منه بمتابعة الملف.

وقد زار الفليطي جرد عرسال والتقى مسلحي تنظيم "داعش" الذي "وافق بدوره على تكليفه"، وأكد فليطي أن "مخابرات الجيش على علم بهذا الموضوع".

 

وطرح هذا التطور تساؤلات عدة لجهة: ماذا عن وضع الحكومة ملف المخطوفين في عهدة اللواء عباس إبراهيم؟ وكيف يمكن لوزير أن يكلف وسيطا في هكذا ملف حساس بمعزل عن الحكومة بكاملها؟ وما هو الهدف من تجاوز اللواء إبراهيم في هذا الملف؟ وماذا عن الوسيط السابق الشيخ وسام المصري الذي أمضى يومين في ضيافة "داعش" وسُمح له بزيارة العسكريين وعاد من الخاطفين بشريط فيديو؟ وهل الجهة التي وافقت على تكليف الفليطي هي نفسها التي استقبلت الشيخ المصري؟.

 

تشير المعلومات المتوفرة لـ "السفير" الى أن دخول اسم الفليطي على خط الوساطة أعاد خلط الأوراق، خصوصا أن الشيخ المصري كشف لـ "السفير" أنه تلقى اتصالا من الخاطفين، ليل أمس، عادوا وطالبوه فيه بالحصول على تكليف من الدولة اللبنانية، ما يؤكد أن الجهة التي يتعاطى معها المصري هي غير الجهة التي اتصل بها الفليطي، وهذا يضاعف من التخبط في هذا الملف.

 

ولفت المصري الانتباه الى أن "الدولة الاسلامية كانت تجاوزت موضوع التكليف الرسمي من الدولة اللبنانية، لكن اللغط الذي حصل جعلها تعود الى التمسك بهذا التكليف".

 

ويقول المصري لـ "السفير": "على الحكومة أن تحسم أمرها وتكلف شخصا واحدا من طرفها، وأعتقد أن المعني الأول في هذا الملف هو اللواء عباس إبراهيم الذي لم يصدر عنه شيء بهذا الخصوص، ونحن كنا قطعنا شوطا كبيرا في التواصل مع قيادات الدولة الاسلامية، وما حصل أمس أعاد الأمور الى نقطة الصفر".

 

ويضيف: "نحن لم نبلغ من الجهات الخاطفة بأن دورنا قد انتهى، كما لم يأت المتصل على ذكر اسم أي وسيط جديد، لكن يبدو أن هناك تجاذبات سياسية، وجهات متضررة مما نقوم به تسعى الى إفشال كل التطورات الايجابية التي حصلت معنا في هذا الملف".

 

وكان حسن يوسف، والد العسكري المخطوف محمد يوسف، أشار إلى أنه تلقى اتصالاً من الخاطفين يؤكدون فيه القبول بوساطة فليطي لحل القضية، في حين أمهلت عائلة ذبيان الحكومة مدة 48 ساعة للبت بالموضوع "وإلا ستكون هناك تحركات كبيرة تؤثر على السياسيين، وعلى مختلف المستويات".

 

سياسيًّا، لم تخرج التصريحات عن نطاق المطالبات والأماني. فقد طالب النائب وليد جنبلاط، في تغريدةٍ عبر "تويتر"، "بتوحيد الجهود بين اللواء عباس إبراهيم والوزير نهاد المشنوق لإطلاق الجنود تحت شعار المقايضة وأولوية سلامة حياتهم".