التاريخ الطويل من العلاقات الثقافية والسياسية والإقتصادية، وعلاقة الجوار والحدود المشتركة الطويلة والهدوء السائد على الحدود بينهما منذ أربعمائة عام تجعل من إيران وتركيا جارتين لن تستغني احداهما عن الأخرى.

بلدان كبيران احدهما يمثل عنصر الفرس والتشيع والثاني يمثل عنصر الترك والسنة الإخوانية التي ليست ببعيدة عن الشيعة في التوجهات العامة رغم الخلافات بينهما على بعض المصاديق.

القضية السورية والعراقية وما استتبعهما من تمدد داعش، شكلت أهم مواضيع الخلاف بين إيران وتركيا. ولكن بعد تنحي المالكي عن مشروع شبه الخلود على عرش رئاسة الوزراء ومجيئ العبادي، وزيارة رئيس الوزراء التركي داود أوغلو للعراق التي تدل على تخفيف التوتر بين البلدين انخفض حدة الخلاف بين إيران وتركيا على الموضوع العراقي. فإن إيران كانت ترى يد الأتراك خلف تمدد داعش وتتهم تركيا بدعمهم وحتى اعتبرت أن خطف الدبلوماسيين الأتراك في قنصلية تركيا بالموصل كانت خطة منسقة من قبل الطرفين لتضليل الرأي العام العالمي وحرف الأنظار.

ولكن الخلاف على الموضوع السوري باق وإن تخفف حدته عما كان قبل عامين، فإن خطر داعش الذي لا يستثني أحداً خاصة الأقرب منها قبل الأبعد، دفع بتركيا إلى دعم التحالف الدولي لضرب داعش في كوباني ورغم هذا يلح الأتراك على عدم شرعية بشار الأسد، وضرورة إسقاط النظام السوري. ويبدو من خلال كلمات وزيري خارجيتي إيران وتركيا خلال المؤتمر الصحفي المشترك، أن اختلاف الراي بين الطرفين على الموضوع السوري، لم يفسد في الود قضية.

وبينما ركز جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني على وجود الإرهاب كعدو مشترك يتطلب بذل الجهود لتقريب المواقف، ومنع وصول الإرهابيين إلى العراق وسوريا، مضيفا بأن إيران وتركيا لا تريدان أن يقع الشعب السوري ضحايا الإرهاب، ركز نظيره التركي مولود شاووش أوغلو على أن خلاف الرؤى بين الطرفين لم يترك تأثيراً على العلاقات الثنائية.

والحقيقية هي أن مواضيع الوفاق بين الطرفين أكثر من مواضيع الخلاف، والحاجات المتبادلة في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والأمنية والمخابراتية وحتى العسكرية، تدفع الطرفين إلى التقارب أكثر، وتجعلهما شريكين استراتيجيين.