كان يقال لنا في بداية مسيرتنا الايمانية ان الايمان يحصّن الانسان من الشرور ومن ارتكاب الاخطاء والخيانة والاساءة للناس والعمل لخدمة الاعداء واكتشفنا اليوم ان الايمان رغم اهميته في الحياة لخلاص الانسان الاخروي وتحسين اخلاقه وعلاقاته بالناس لا يكفي وحده لحماية الانسان من ارتكاب الاخطاء. فنحن بحاجة للقانون والمحاسبة والمراقبة الاجتماعية والعملية كي نمنع انفسنا من ارتكاب الخيانات والاخطاء والاساءة للناس وللوطن والمجتمع.

وساتحدث بشكل مباشر عن الواقع الاسلامي ولا سيما في السنوات الاخيرة وبعد ان اصبح الاسلاميون او المنتسبون للحركات الاسلامية في مواقع الحكم والادارة واصحاب مؤسسات تجارية وعقارية ومالية ولهم دور اساسي في شؤون الناس.

فقد شهدنا خلال السنوات الاخيرة سلسلة من الفضائح والمفاسد والاخطاء والتي يتحمل مسؤوليتها اشخاص يدّعون انهم مسلمون او ينتمون للاسلام وللحركات الاسلامية وانهم يعملون من اجل الاسلام ونيل رضا الله عز وجل.

واكتشفنا بعد فترة وهذا الامر لا يقتصر على لبنان بل يشمل دولا اخرى عربية واسلامية، ان هؤلاء المسلمين والمتدينين او الاسلاميين الحركيين يمكن ان يرتكبوا الجرائم والمفاسد ويتحولوا الى خونة وقتلة وفاسدين واحيانا باسم الاسلام والدين، وللاسف لا تتم محاسبتهم بالشكل الصحيح ويتم تغطية جرائمهم باشكال مختلفة.

طبعا لا يعني ذلك ان كل التجارب الاسلامية كانت فاسدة او خاطئة لان هناك تجارب رائعة في المقاومة والعمل السياسي وخدمة الناس والمجتمع والعمل من اجل رضا الله ومصلحة كل الناس.

لكن الفكرة الاساسية التي اود الاشارة اليها في هذا المقال ان الايمان وحده او الانتساب الى حركة اسلامية او الادعاء بالتحدث باسم الاسلام كل ذلك ليس بالضرورة ان يحمي الانسان من الشرور والاخطاء، بل ان بعض هؤلاء قد يرتكبون الجرائم والاساءات من خلال استغلال مواقعهم ومناصبهم.

 ولذا المطلوب اليوم وضع منظومة فكرية واجتماعية ودينية جديدة تجمع بين الايمان والاخلاق والقانون والنظام والمحاسبة كي نمنع الفساد والخيانات والقتل باسم الدين والاسلام ،والكل مسؤول عما وصلنا اليه من مستوى اخلاقي متدني حتى بين المتدينين واصحاب الايمان ولذا علينا جميعا البحث عن حلول لهذه الازمة الاخلاقية والفكرية وخصوصا من خلال وضع منظومات جديدة على مستوى الفكر الديني والاجتماعي.

 

قاسم قصير