لن احتاج في مقاربة صلاحية او عدم صلاحية ترشح جنرال الرابية الى الرئاسة للعودة الى سيرته السياسية والعسكرية ما قبل الطائف، او الى نبش ملفات الحرب الاهلية، لان المنطق هنا ايضا يجب ان يكون محكوما للقاعدة التي تقول ان محاسبة تلك المرحلة لا يجوز ان تكون استنسابية فاما تفتح الملفات لكل "المحاربين القدامى " او فلتصمتوا الى الابد، ( مع ملاحظة ان القتال بالبزة الرسمية لا تعفي لابسها )، الا ان الاجدى هو فتح الملفات " الطازجة "، فمع جنرال الرابية وتياره السياسي لا تحتاج من اجل استشراف ورسم صورة الاداء المتوقع حال وصوله الى الرئاسة لكثير جهد، ولا حتى لتشغيل الذاكرة البعيدة نسبيا، لان وزراء هذا التيار العشرة من اصل الحكومة الثلاثينية التي رئسها نجيب ميقاتي لا تزال حرارة كراسيهم لم تبرد بعد، وعندما نتحدث عن تيار سياسي يستحوذ لوحده على تلت عدد الوزراء في حكومة من لونه السياسي فقط وفي ظل معارضة اقل ما يمكن ان يقال عن قياداتها انها مهددة وعاجزة عن التصدي الفعلي لممارساتها فهذا يعني ان ما وصل اليه هذا التيار من استلام حقيقي لمقاليد الحكم والسلطة يعكس بشكل صريح وواضح عن ما يمكن ان يفعله ، وعليه فان محاسبته تكون بهذه الحالة محاسبة عادلة يبنى عليها، فماذا كانت ثمار هذه التجربة العونية ؟ وماذا جرّت على البلاد والعباد ؟ اسئلة الاجابة عنها لا تحتاج الى اكثر من الرجوع للمؤتمرات الصحفية للوزراء انفسهم، ولرئيس الحكومة عينه، فيتبين حجم المأساة التي جرتها على الوطن هذه الحقبة العونية التي امتدت لاكثر من ثلاثة سنوات عجاف ، ليتبين ان محصلة " الاصلاح والتغيير " ان هي الا مزيدا من الاخفاقات تبدأ ببواخر كهرباء لم تنتج الا عمولات استقرت بجيوب " المصلحين " بدل طاقة كان يجب ان تستقر على الاسلاك، مرورا بالاستثمارات العقارية تحت يافطة الثقافة وليس انتهاءا بزيادة " تغييرية " للدين العام بلغ خلال هذه الفترة فقط 15 مليار دولار، هذا غيض من فيض فشل تيار سياسي يشنّف آذان اللبنانيين ليل نهار انه يقدم لنا مرشح رئاسي قوي يريد ان " يشيل الزير من البير " ! وهذا طبعا بغض النظر عن خياراته السياسية الكنفشارية القائمة اساسا على ركيزة شخصية وحيدة يمكن اختصارها بالسعي الدؤوب وكيفما اتفق وهي ايصال " القائد التاريخي " الى سدة الرئاسة ، ولا تهم بعد ذلك الوسيلة الممكن اتباعها لهذا الغرض " المقدس "ان يكون " ابراء مستحيل " او " ابراء ممكن " فالمهم هو وصول الجنرال الى قصر بعبدا ، في حين ان المقارنة البسيطة بين ما تمتع به هذا التيار من اجل وضع وعوده الافلاطونية موضع التنفيذ وهو يمتلك 10 وزارات او حال وصول رئيسه الى الكرسي الاول مع صلاحيات تنفيذية قليلة، تميل الدفة الى الوضعية الاولى حتما، وهذا يعني بانه لو كنا نعيش في بلد طبيعي غير لبنان ،وبين شعب يحاسب مسؤوليه عند نكثهم بالوعود، لتوجب على هذا التيار بان يعتذر من مناصريه اولا ومن الشعب اللبناني ثانيا عن تجربته في ممارسة الحكم، وتوجب على جنرال هذا التيار ان يخجل من نفسه ويعتزل العمل السياسي ، لا ان يترشح لرئاسة الجمهوية .