صحيح ان المتحكم بالعمل  السياسي هي القاعدة التي تقول بان لا وجود لصداقات دائمة ، كما انه لا يوجد عداوات دائمة ، وانما يوجد مصالح دائمة ،، وهذا ما يعرفه ويسير عليه جيدا ارباب المنشغلين بهذا الميدان ، ويعلّمونها كما يفترض لقواعدهم ومناصريهم ، فيكفي عندئذ هؤلاء المناصرون ان يعرفوا ويتلمسوا مصالحهم فتنقاد بعد ذلك على ضوئها اما للمهادنة والتهدئة ، واما للخصومة او العداوة ،

الا انه عند جمهور حزب الله ومناصريه يوجد قواعد اخرى وادوات مختلفة تتحكم بمواقفهم ، تبدأ وتنتهي القاعدة عند تقسيم الاخر ، اي اخر،  الى فسطاطين اثنين لا ثالث لهما ، فاما معنا ، واما عميل ، ولا يوجد بينهما منطقة وسطى ، والملفت اكثر عند هذا التصنيف هو سهولة الانتقال بين هذين الفسطاطين ، فلربما يكون العميل اليوم هو نفسه معنا غدأ وبدون اي احراج  !!

ولا يحتاج الامر لا الى تغيير بالمعطيات ولا حتى الى تحول بالسياسات الجوهرية عند الطرف الاخر , ويتفاعل الجمهور مع احدى الحالتين بسهولة وسلاسة ملفتة اقرب ما تكون الى كبسة زر , فمرة تضاء به لوحة حمراء مكتوب عليها " عميل " فيتحول من هو تحتها وبقدرة قادر الى عميل تصب عليه كل اللعنات والشتائم ان لم نقل الجهوزية لاعلان الحرب عليه ، وبكبسة زر اخرى تضاء فوق هذا الاخر عينه لوحة خضراء مكتوب عليها " معنا " فتكون كافية لينقلب بين ليلة وضحاها الى ولي حميم ,

وهذا تماما ما قد حصل من خلال التحول في طريقة التعاطي مع السلطات القطرية ، فالسماح لوفد من مخطوفي اعزاز لتلبية دعوة الامير القطري ، واستقبالهم المميز في الدوحة من قبل الامير تميم بن حمد آل ثاني ، والحفاوة المعتادة التي لقوها واقامتهم في الاجنحة الملكية بفندق هيلتون ليطرح العديد من التساؤلات ،

وان كان ما حظي به الوفد غير جديد على كرم وسخاء الاخوة القطريين ، وهذا ما قد عرفناه وخبرناه جيدا نحن في الجنوب ، فانما يأتي هذا الاستقبال وهذا الترحيب كدليل اضافي على كبر قلب وعقل وحكمة المسؤولين القطريين وتسامحهم عن مرحلة غير مبررة حوت الكثير من الاساءات التي لحقت بهم من بعض ابناء الجنوب والتحامل الكبير الذي اصابهم منهم ، فلم يلاق عدم الوفاء هذا الا بالعفو والغفران القطري المعهود ،

لتبقى الاسئلة المطروحة هنا كما عند كل تحول من هذا النوع يُفرض على بعض اهلنا بدون تقديم اي من المبررات المعتد بها ، وواحدة من اهم هذه الاسئلة : " شو عدا ما بدا " ؟؟؟

والى متى ستبقى علاقاتنا مع اخواننا العرب  مرهونة بالمصالح الايرانية على حساب مصالحنا نحن ؟؟ فهل كان ليسمح لهذا الوفد بتلبية الدعوة الاميرية (التي نرجوا ان تكون كمؤشر لعودة المياه الى مجاريها ) لو لم يسبقها زيارة لمبعوث قطري الى طهران ؟؟ وهل يكفي وجود سحابة صيف سوداء بين قطر والسعودية في ظل خلاف سعودي ايراني من اجل عودة قطر الى خانة ال " شكرا " من جديد بعد ان كان تم نزع كل لوحات الشكر التذكارية عن ابواب مئات المساجد التي بنتها قطر بالجنوب لانها على خلاف مع ايران ؟؟

هل سيتعلم اهل الجنوب ان لا مندوحة لنا الا المحافظة على افضل علاقات الاخوة مع محيطنا العربي الذي ننتمي اليه ؟؟

وهل سيقف ابن الجنوب ليسأل اولي الامر عنده ان على اي اساس وما هي مصلحتنا نحن في خلق اجواء من التشنج مع الدول العربية التي تحتضن الالاف من  ابنائنا ؟؟؟

هذه الاسئلة التي كنا نطرحها نحن ونصر عليها وبسببها كنا نرمى  ايضا بالتخوين والخروج عن الملة !

على كل الاحوال فلا بد بالختام من توجيه تحية احترام وتقدير وشكر لامير قطر على خطوته المباركة هذه والتي وان كنا غير معنيين بها بشكل مباشر ، الا انها اسعدتنا واراحت نفوسنا المتعبة ، لانه يكفينا الان عند توجيه سؤالنا لاي من ابناء الجنوب : شو رأيك بقطر ؟؟ .. ليأتي الجواب الشافي وباللكنة الجنوبية , قطر ... تميم .